5 - وقال الشيخ المفيد قدس الله لطيفه في كتاب المقالات: إن رسل الله تعالى من البشر وأنبياءه والأئمة من خلفائه عليهم السلام محدثون مصنوعون تلحقهم الآلام وتحدث لهم اللذات وتنمى أجسادهم (1) بالأغذية وتنقص على مرور الزمان، ويحل بهم الموت ويجوز عليهم الفناء، وعلى هذا القول إجماع أهل التوحيد، وقد خالفنا فيه المنتمون إلى التفويض وطبقات الغلاة، فأما أحوالهم (2) بعد الوفاة فإنهم ينقلون من تحت التراب فيسكنون بأجسامهم وأرواحهم جنة الله تعالى، فيكونون فيها أحياء يتنعمون إلى يوم الممات (3)، يستبشرون بمن يلحق بهم من صالحي أممهم وشيعتهم ويلقونه بالكرامات، وينتظرون من يرد عليهم من أمثال السابقين في الديانات (4).
وإن رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة من عترته عليهم السلام خاصة لا تخفى عليهم بعد الوفاة أحوال شيعتهم في دار الدنيا باعلام الله تعالى لهم ذلك حالا بعد حال، ويسمعون كلام المناجي لهم في مشاهدهم المكرمة العظام بلطيفة من لطائف الله تعالى بينهم بها من جمهور العباد (5) وتبلغهم المناجاة من بعد، كما جاءت به الرواية.
وهذا مذهب فقهاء الإمامية كافة وحملة الآثار منهم. ولست أعرف فيه لمتكلميهم من قبل مقالا، وبلغني من بني نوبخت رحمهم الله تعالى خلاف فيه.
ولقيت جماعة من المقصرين عن المعرفة ممن ينتمي إلى الإمامة أيضا يأبونه، وقد قال الله (6) تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم