هذا كله (1) يوجب تفضيل آدم على الملائكة وهو نبي لهم لقول الله عز وجل له: " أنبئهم بأسمائهم " ومما يثبت تفضيل آدم على الملائكة أمر الله عز وجل لهم بالسجود لآدم، وقوله عزو جل: " فسجد الملائكة كلهم أجمعون " ولم يأمرهم الله عز وجل بالسجود إلا لمن هو أفضل، وكان سجودهم لله عز وجل طاعة لآدم وإكراما لما أودع صلبه من أرواح النبي والأئمة (2) صلوات الله عليهم.
وقال النبي (صلى الله عليه وآله) أنا أفضل من جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ومن جميع الملائكة المقربين وأنا خير البرية وسيد ولد آدم ".
وأما قول الله عز وجل: " لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون (3) " فليس ذلك يوجب تفضيلهم على عيسى، وإنما قال الله عز وجل ذلك لان الناس منهم من كان يعتقد أن الربوبية لعيسى (عليه السلام)، ويتعبد له صنف من النصارى، ومنهم من عبد الملائكة وهم الصائبون وغيرهم.
فقال الله عز وجل: لن يستنكف المعبودون دوني أن يكونوا عبيدا لي ولا الملائكة الروحانيون وهم معصومون لا يعصون ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون لا يأكلون ولا يشربون ولا يألمون ولا يسقمون ولا يشيبون ولا يهرمون، طعامهم وشرابهم التقديس والتسبيح، وعيشهم من نسيم العرش وتلذذهم بأنواع العلوم (4)، خلقهم الله بقدرته أنوارا وأرواحا حاكما شاء وأراد، وكل صنف منهم يحفظ نوعا مما خلق الله وقلنا بتفضيل من فضلناه عليهم لان العاقبة التي يصيرون إليها أعظم وأفضل من حال الملائكة (5).