بيان: حاصل الحديث أنه قد تحمل المصالح العظيمة الأنبياء صلوات الله عليهم على أن يتكلموا على وجه التورية والمجاز وبالأمور البدائية على ما سطر في كتاب المحو والاثبات، ثم يظهر للناس خلاف ما فهموه من الكلام الأول، فيجب أن لا يحملوه على الكذب ويعلموا أنه كان المراد منه غير ما فهموه كمعنى مجازي أو كان وقوعه مشروطا بشرط لم يذكروه، ومن تلك الأمور زمان قيام القائم (عليه السلام) وتعيينه من بين الأئمة (عليهم السلام) لئلا يئس الشيعة وينتظروا الفرج ويصبروا.
فإذا قلنا لكم في الرجل منا شيئا، أي بحسب فهم السائل وظاهر اللفظ، أو قيل فيه: حقيقة وكان مشروطا بأمر لم يقع فوقع فيه البداء ووقع في ولده، وعلى هذا ما ذكر في أمر عيسى إنما ذكر على ذكر النظير.
مع أنه يحتمل أن يكون أمر عيسى (عليه السلام) أيضا من البداء ويحتمل المثل ومضربه وجها آخر وهو أن يكون المراد فيهما معنى مجازيا بوجه آخر، ففي المثل أطلق الذكر على مريم لأنه سبب وجود عيسى عليهما السلام إطلاقا لاسم المسبب على السبب وكذا في المضرب اطلق القائم على من في صلبه القائم، إما على هذا الوجه، أو إطلاقا لاسم الجزء على الكل.
أقول: سيأتي الاخبار في ذلك في باب أحوال الرضا عليه السلام ومر بعضها في أبواب تاريخ مريم وعيسى عليهما السلام.