عبد الله (عليه السلام) فقلنا له: جعلنا فداك سمعناك تقول: كذا وكذا في أمر خادمتك، ونحن نعلم أنك تعلم علما كثيرا لا ينسب (1) إلى علم الغيب، قال: فقال: يا سدير ما تقرأ القرآن؟ قال: قلت قرأناه جعلت فداك، قال: فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله:
" قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك "؟ (2) قال: قلت: جعلت فداك قد قرأته، قال: فهل عرفت الرجل وعلمت ما كان عنده من علم الكتاب؟ قال: قلت: فأخبرني حتى أعلم، قال: قدر قطرة من المطر الجود في البحر الأخضر ما يكون ذلك من علم الكتاب؟
قال: قلت جعلت فداك ما أقل هذا؟ قال: يا سدير ما أكثره لمن لم ينسبه إلى العلم الذي أخبرك به يا سدير، فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله: " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب " (3) كله؟ قال: وأومأ بيده إلى صدره فقال: علم الكتاب كله والله عندنا: ثلاثا (4) بيان: وهو مغضب: على المجهول أي غضبا ربانيا على جماعة يزعمون أنه الرب أو أنه يعلم جميع الغيوب وفي جميع الأحوال أو على الجارية، فما عرفتها لعله (عليه السلام) قال ذلك تورية لئلا ينسب إلى الربوبية، وأراد علما مستندا إلى الأسباب الظاهرة أو علما غير مستفاد، مع أنه يحتمل أن يكون الله تعالى أخفى عليه ذلك في تلك الحال لنوع من المصلحة، لا ينسب إلى علم الغيب أي ليس منه، لان الغيب ما اختص الله بعلمه أو ما حصل بغير استفادة وفي الكافي: " ولا ننسبك ". (5) قدر قطرة، إنما لم يخبر (عليه السلام) عن الرجل لعدم الاهتمام به وعدم مدخليته فيما هو بصدد بيانه. والجود بالفتح المطر الغزير: والبحر الأخضر هو المحيط سمي به لخضرته وسواده بسبب كثرة الماء، ما أكثره: رد لما يفهم من