ابن معاذ فجئ به، فحكم فيهم بأن يقتل مقاتليهم، ويسبي ذراريهم ونسائهم ويغنم أموالهم، وإن عقارهم للمهاجرين دون الأنصار، وقال للأنصار: إنكم ذووا عقار وليس للمهاجرين عقار، فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله وقال لسعد: لقد حكمت فيهم بحكم الله عز وجل.
وفي بعض الروايات: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة.
وأرقعة جمع رقيع: اسم سماء الدنيا.
فقتل رسول الله صلى الله عليه وآله مقاتليهم، وكانوا فيما زعموا ستمائة مقاتل، وقيل: قتل منهم أربعة مائة وخمسين رجلا، وسبى سبعمائة وخمسين.
وروي أنهم قالوا لكعب بن أسد وهم يذهب بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله إرسالا يا كعب ما ترى يصنع بنا؟ فقال كعب: أفي كل موطن تقولون (1) ألا ترون أن الداعي لا ينزع، ومن يذهب منكم لا يرجع، هو والله القتل.
وأتي بحيي بن أخطب عدو الله عليه حلة فاختية (2) قد سفقها عليه (3) من كل ناحية كموضع الأنملة لئلا يسلبها، مجموعة يداه إلى عنقه بحبل، فلما بصر برسول الله صلى الله عليه وآله فقال: أما والله ما لمت نفسي على عداوتك، ولكنه من يخذل الله يخذل، ثم قال: أيها الناس إنه لا بأس بأمر الله كتاب الله وقدره [و] ملحمة كتبت على بني إسرائيل (4)، ثم جلس فضرب عنقه، ثم قسم رسول الله صلى الله عليه وآله نساءهم وأبناهم على المسلمين، وبعث سبايا منهم إلى نجد مع سعد بن زيد الأنصاري فابتاع بهم خيلا وسلاحا.
قال: فلما انقضى شأن بني قريظة انفجر جرح سعد بن معاذ، فرجعه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى خيمته التي ضربت عليه في المسجد.