الميسر (1) " الآية، فتركها قوم لقوله: " إثم كبير " وشربها قوم لقوله: " و منافع للناس " إلى أن صنع عبد الرحمن بن عوف طعاما فدعا ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، وأتاهم بخمر فشربوا وسكروا، فحضرت صلاة المغرب فقدموا بعضهم ليصلي بهم، فقرأ: قل يا أيها الكافرون (2): " أعبد ما تعبدون " هكذا إلى آخر السورة بحذف (لا) فأنزل الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى (3) " الآية، فحرم السكر في أوقات الصلوات، فلما نزلت في هذه الآية تركها قوم، وقالوا: لا خير في شئ يحول بيننا وبين الصلاة، وتركها قوم في أوقات الصلاة، وشربوها في غير حين الصلاة حتى كان الرجل يشرب بعد صلاة العشاء فيصبح وقد زال عنه السكر، ويشرب بعد الصبح فيصحو إذا جاء وقت الظهر، ودعا عتبان بن مالك رجالا من المسلمين فيهم سعد بن أبي وقاص وكان قد شوى لهم رأس بعير، فأكلوا منه وشربوا الخمر حتى سكروا منها، ثم إنهم افتخروا عند ذلك وانتسبوا وتناشدوا الاشعار، فأنشد سعد قصيدة فيها هجاء الأنصار وفخر لقومه، فأخذ رجل من الأنصار لحي (4) البعير فضرب به رأس سعد فشجه موضحة (5)، فانطلق سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وشكا إليه الأنصاري فقال عمر: اللهم بين لنا رأيك في الخمر بيانا شافيا، فأنزل الله تعالى " إنما الخمر والميسر (6) " الآية، وفيها سرق ابن أبيرق (7).
أقول: سيأتي شرح القصة في باب أحوال أصحابه صلى الله عليه وآله.