بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٢٩٦
المسلمون بالسبي قدم أهاليهم فافتدوهم، وخلصت جويرة (1) بنت الحارث في سهم ثابت بن قيس وابن عم له فكاتباها، فسألت رسول الله صلى الله عليه وآله في كتابتها فأدى عنها وتزوجها وسماها برة، وقيل: إنه جعل صداقها عتق أربعين من قومها وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله أبا نضلة الطائي بشيرا إلى المدينة بفتح المريسيع.
وروي عن عائشة أنها قالت: أصاب رسول الله صلى الله عليه وآله نساء بني المصطلق، فأخرج الخمس منه، ثم قسمه بين الناس، فأعطى الفارس سهمين، فوقعت جويرية بنت الحارث في سهم ثابت بن قيس، وكانت تحت ابن عم لها يقال له: صفوان بن مالك فقتل عنها، وكاتبها ثابت بن قيس على تسع أواق، وكانت امرأة حلوة لا يكاد يراها أحد إلا أخذت بنفسه، فبينا النبي صلى الله عليه وآله عندي إذ دخلت عليه جويرية تسأله في كتابتها، فوالله ما هو إلا أن رأيتها فكرهت دخولها على النبي صلى الله عليه وآله، وعرفت أنه سيرى منها مثل الذي رأيت، فقالت: يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث سيد قومه وقد أصابني من الامر ما قد علمت، فوقعت في سهم ثابت بن قيس، وكاتبني على تسع أواق، فأعني في فكاكي، فقال: " أو خير من ذلك " (2)؟ فقالت: وما هو؟
فقال: " أؤدي عنك (3) كتابتك وأتزوجك " فقالت: نعم يا رسول الله، فقال: " قد فعلت " وخرج الخبر إلى الناس فقالوا: أصهار رسول الله صلى الله عليه وآله يسترقون؟ فأعتقوا ما كان في أيديهم من نساء بني المصطلق، فبلغ عتقهم مائة أهل بيت بتزويجه إياها، ولا أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها (4).

(1) هكذا في النسخ، وفى المصدر: جويرية وهو الصحيح (2) في السيرة: فهل لك في خير من ذلك؟
(3) " ": اقضي عنك.
(4) " ": قال ابن هشام: " ويقال: لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله من غزوة بنى المصطلق ومعه جويرة بنت الحارث وكان بذات الجيش، دفع جويرية إلى رجل من الأنصار وديعة، وأمره بالاحتفاظ بها، وقدم رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة، فاقبل أبوها الحارث بن أبي ضرار بفداء ابنته، فلما كان بعقيق نظر إلى الإبل التي جاء بها للفداء فرغب في بعيرين منها، فغيبها في شعب من شعاب العقيق، ثم أتى النبي صلى الله عليه وآله و قال: يا محمد أصبتم ابنتي وهذا فداؤها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله، " فأين البعيران اللذان غيبتهما بالعقيق في شعب كذا وكذا؟ " فقال الحارث: اشهد ان لا إله الا الله، وانك محمد رسول الله، فوالله ما اطلع على ذلك الا الله، فاسلم الحارث واسلم معه ابنان له وناس من قومه، وارسل إلى البعيرين فجاء بهما فدفع الإبل إلى النبي صلى الله عليه وآله ودفعت إليه ابنته جويرية فأسلمت وحسن اسلامها، فخطبها النبي صلى الله عليه وآله إلى أبيها، فزوجه إياها وأصدقها أربعمائة درهم ".
أقول: قال محشى الكتاب: سقطت هذه القطعة كلها من أكثر أصول الكتاب.
قال ابن إسحاق: وحدثني يزيد بن رومان ان رسول الله صلى الله عليه وآله بعث إليهم بعد اسلامهم الوليد بن عقبة بن أبي معيط، فلما سمعوا به ركبوا إليه فلما سمع بهم هابهم، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره ان القوم قد هموا بقتله، ومنعوه ما قبلهم من صدقتهم، فأكثر المسلمون في ذكر غزوهم حتى هم رسول الله صلى الله عليه وآله بان يغزوهم، فبينا هم على ذلك قدم وفدهم على رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: يا رسول الله سمعنا برسولك حين بعثته الينا فخرجنا إليه لنكرمه ونؤدي إليه ما قبلنا من الصدقة فانشمر راجعا، فبلغنا انه زعم لرسول الله صلى الله عليه وآله انا خرجنا إليه لنقتله، ووالله ما جئنا لذلك، فأنزل الله تعالى فيه وفيهم: " يا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا " إلى قوله: (الراشدون).
أقول: ذكر نحوه الطبرسي في مجمع البيان 9، 132، واليعقوبي في تاريخه 2: 40:
وروى فرات في تفسيره انه نزل في بنى وليعة.
(٢٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 ... » »»
الفهرست