المسلمون بالسبي قدم أهاليهم فافتدوهم، وخلصت جويرة (1) بنت الحارث في سهم ثابت بن قيس وابن عم له فكاتباها، فسألت رسول الله صلى الله عليه وآله في كتابتها فأدى عنها وتزوجها وسماها برة، وقيل: إنه جعل صداقها عتق أربعين من قومها وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله أبا نضلة الطائي بشيرا إلى المدينة بفتح المريسيع.
وروي عن عائشة أنها قالت: أصاب رسول الله صلى الله عليه وآله نساء بني المصطلق، فأخرج الخمس منه، ثم قسمه بين الناس، فأعطى الفارس سهمين، فوقعت جويرية بنت الحارث في سهم ثابت بن قيس، وكانت تحت ابن عم لها يقال له: صفوان بن مالك فقتل عنها، وكاتبها ثابت بن قيس على تسع أواق، وكانت امرأة حلوة لا يكاد يراها أحد إلا أخذت بنفسه، فبينا النبي صلى الله عليه وآله عندي إذ دخلت عليه جويرية تسأله في كتابتها، فوالله ما هو إلا أن رأيتها فكرهت دخولها على النبي صلى الله عليه وآله، وعرفت أنه سيرى منها مثل الذي رأيت، فقالت: يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث سيد قومه وقد أصابني من الامر ما قد علمت، فوقعت في سهم ثابت بن قيس، وكاتبني على تسع أواق، فأعني في فكاكي، فقال: " أو خير من ذلك " (2)؟ فقالت: وما هو؟
فقال: " أؤدي عنك (3) كتابتك وأتزوجك " فقالت: نعم يا رسول الله، فقال: " قد فعلت " وخرج الخبر إلى الناس فقالوا: أصهار رسول الله صلى الله عليه وآله يسترقون؟ فأعتقوا ما كان في أيديهم من نساء بني المصطلق، فبلغ عتقهم مائة أهل بيت بتزويجه إياها، ولا أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها (4).