بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٠٠
المسلمون فقالوا: يا رسول الله قد غرقت الأرض، وتهدمت البيوت، وانقطعت السبل فادع الله تعالى أن يصرفها عنها، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وهو على المنبر حتى بدت نواجده تعجبا لسرعة ملالة ابن آدم، ثم رفع يديه ثم قال: " حوالينا ولا علينا، اللهم على رؤوس الظراب ومنابت الشجر وبطون الأودية، وظهور الآكام " فتصدعت عن المدينة حتى كانت في مثل الترس عليها كالفسطاط تمطر مراعيها ولا تمطر فيها قطرة.
وفي بعض الروايات: إنه لما صارت المدينة كالفسطاط ضحك رسول الله صلى الله عليه وآله حتى بدت نواجده، ثم قال: " لله أبي طالب. لو كان حيا قرت عيناه، من الذي ينشدنا قوله؟ " فقام علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: يا رسول الله كأنك أردت:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل يلوذ به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة (1) وفواضل كذبتم وبيت الله يبزى محمد * ولما نقاتل دونه ونناضل (2) ونسلمه حتى نصرع حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " أجل " فقام رجل من كنانة فقال:
لك الحمد والشكر ممن شكر * سقينا بوجه النبي المطر دعا الله خالقه دعوة * إليه وأشخص منه البصر فلم يك إلا كالقا (3) الردا * وأسرع حتى رأينا المطر دفاق العزايل جم البعاق * أغاث به الله عليا مضر و كان كما قاله عمه * أبو طالب أبيض ذو غرر

(1) ذكر ابن هشام تلك القصيدة بطولها في السيرة: 1: 286 - 298 وفيه: في رحمة وفواضل.
(2) في السيرة: كذبتم وبيت الله نبزى محمدا * ولما نطاعن دونه ونناضل.
أقول: أي نغلب عليه ونسلبه. ونناضل أي نرامى بالسهام.
(3) قصر لأجل الشعر.
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»
الفهرست