رسول الله صلى الله عليه وآله يستغفر لك، فلوى رأسه ثم قال: أمرتموني أن أؤمن فقد آمنت، وأمرتموني أن أعطي زكاة مالي فقد أعطيت، فما بقي إلا أن أسجد لمحمد فنزل: " وإذا قيل لهم تعالوا " أي هلموا " يستغفر لكم رسول الله لووا رؤسهم " أي أكثروا تحريكها استهزاء، وقيل: أمالوها إعراضا عن الحق " ورأيتهم يصدون " عن سبيل الحق " وهم مستكبرون " مظهرون (1) أنه لا حاجة لهم إلى استغفاره، " سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم " أي يتساوي الاستغفار لهم وعدمه " لن يغفر الله لهم " لأنهم يبطنون الكفر " إن الله لا يهدي القوم الفاسقين " أي لا يهدي القوم الخارجين عن الدين والايمان إلى طريق الجنة، قال الحسن:
أخبره سبحانه أنهم يموتون على الكفر فلم يستغفر لهم " هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله " من المؤمنين المحتاجين " حتى ينفضوا " أي يتفرقوا عنه " ولله خزائن السماوات والأرض " وما بينهما من الأرزاق والأموال والأعلاق، فلو شاء لأغناهم، ولكنه تعالى يفعل ما هو الأصلح لهم ويمتحنهم بالفقر ويتعبدهم بالصبر ليصبروا فيوجروا وينالوا الثواب وكريم المآب " ولكن المنافقين لا يفقهون " ذلك لجهلهم بوجوه الحكمة " يقولون لئن رجعنا إلى المدينة " من غزوه بني المصطلق " ليخرجن الأعز " يعنون نفوسهم " منها الأذل " يعنون رسول الله صلى الله عليه وآله والمؤمنين " ولله العزة ولرسوله " بإعلاء الله كلمته، وإظهار دينه على الأديان " وللمؤمنين " بنصرته إياهم في الدنيا، وإدخالهم الجنة في العقبي " ولكن المنافقين لا يعلمون " فيظنون أن العزة لهم (2).
1 - تفسير علي بن إبراهيم: " إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون " قال: نزلت في غزوة (3) المريسيع وهي غزوة (4) بني المصطلق في سنة خمس من الهجرة، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله خرج إليها