بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ١٩٠
ثم ضرب بها رسول الله صلى الله عليه وآله ثالثة فكسرها وبرق منها برق أضاء ما بين لابيتها حتى لكان مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله تكبيرة فتح وكبر المسلمون، وأخذ بيد سلمان ورقى، فقال سلمان: بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد رأيت منك شيئا ما رأيته منك قط، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وآله إلى القوم وقال:
رأيتم ما يقول سلمان؟ فقالوا: نعم، قال: " ضربت ضربتي الأولى فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبرئيل أن أمتي ظاهرة عليها، ثم ضربت ضربتي الثانية فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحمر (1): من أرض الروم، فكأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبرئيل أن أمتي ظاهرة عليها، ثم ضربت ضربتي الثالثة فبرق لي ما رأيتم أضاءت لي منها قصور صنعاء كأنها أنياب الكلاب وأخبرني جبرئيل أن أمتي ظاهرة عليها فأبشروا " فاستبشر المسلمون وقالوا: الحمد لله موعد صدق وعدنا النصر بعد الحصر، فقال المنافقون: ألا تعجبون؟ يمنيكم ويعدكم الباطل ويعلمكم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وأنها تفتح لكم وأنتم إنما تحفرون الخندق من الفرق (2) ولا تستطيعون أن تبرزوا فنزل القرآن: " إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ".
وأنزل الله تعالى في هذه القصة " قل اللهم مالك الملك " الآية رواه الثعلبي بإسناده عن عمرو بن عوف.
قوله: " مالك الملك " أي مالك كل ملك وملك، وقيل: مالك العباد وما ملكوا، وقيل: مالك أمر الدنيا والآخرة، وقيل: مالك النبوة " تؤتي الملك " أي تؤتي الملك وأسباب الدنيا محمدا وأصحابه وأمته " وتنزعه " من صناديد قريش ومن الروم وفارس، فلا تقوم الساعة حتى يفتحها أهل الاسلام، وقيل: تؤتي النبوة و الإمامة من تشاء من عبادك، وتوليه التصرف في خلقك وبلادك، وتنزع الملك على

(1) الحمير خ ل. وفى المصدر: حمر.
(2) أي الخوف.
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست