بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ١٩١
هذا الوجه من الجبارين " وتعز من تشاء " بالايمان والطاعة " وتذل من تشاء " بالكفر والمعاصي، وقيل: تعز المؤمن بتعظيمه والثناء عليه، وتذل الكافر بالجزية والسبي، وقيل: تعز محمدا وأصحابه، وتذل أبا جهل وأضرابه من المقتولين يوم بدر في القليب، وقيل: تعز من تشاء من أوليائك بأنواع العزة في الدنيا والدين، و تذل من تشاء من أعدائك في الدنيا والآخرة، لأنه سبحانه لا يذل أولياءه وإن أفقرهم وابتلاهم، فإن ذلك ليس على سبيل الاذلال، بل ليكرمهم بذلك في الآخرة " بيدك الخير " أي الخير كله في الدنيا والآخرة (1).
وقال في قوله تعالى: " الذين عاهدت منهم " أي من جملتهم، أو عاهدتهم، قال مجاهد: أراد به يهود بني قريظة، فأنهم كانوا قد عاهدوا النبي صلى الله عليه وآله على أن لا يضروا به ولا يمالوا عليه عدوا، ثم مالوا (2) عليه الأحزاب يوم الخندق وأعانوهم عليه بالسلاح، وعاهدوا مرة بعد أخرى فنقضوا، فانتقم الله منهم " ثم ينقضون عهدهم في كل مرة " أي كلما عاهدتهم نقضوا العهد ولم يفوا به " وهم لا يتقون " نقض العهد أو عذاب الله " فإما تثقفنهم " أي تصادفنهم في الحرب، أي ظفرت بهم " فشرد بهم من خلفهم " أي فنكل بهم تنكيلا يشرد بهم من بعدهم ويمنعهم من نقض العهد، والتشريد: التفريق " لعلهم يذكرون " أي لكي يتذكروا وينزجروا " وإما تخافن من قوم خيانة " أي إن خفت يا محمد من قوم بينك وبينهم عهد خيانة " فأنبذ إليهم على سواء " أي فألق ما بينك وبينهم من العهد، وأعلمهم بأنك نقضت ما شرطت لهم لتكون أنت وهم في العلم بالنقض على استواء، وقيل: معنى " على سواء " على عدل، قال الواقدي: هذه الآية نزلت في بني قينقاع، وبهذه الآية سار النبي صلى الله عليه وآله إليهم (3).
وقال رحمه الله في قوله تعالى: " إذ جاءتكم جنود " وهم الذين تحزبوا على

(1) مجمع البيان 2: 427 - 428.
(2) في المصدر: ولا يمالئوا عليه عدوا ثم مالئوا.
(3) مجمع البيان 4: 552 و 553،
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست