حراء إذ تحرك الجبل فقال له: قر فليس عليك (1) إلا نبي وصديق شهيد، فقر الجبل مجيبا لامره، ومنتهيا إلى طاعته، ولقد مررنا معه بجبل وإذا الدموع تخرج من بعضه، فقال له (2): ما يبكيك يا جبل؟ فقال: يا رسول الله كان المسيح مر بي وهو يخوف الناس بنار (3) وقودها الناس والحجارة، فأنا أخاف أن أكون من تلك الحجارة، قال له: لا تخف، تلك حجارة (4) الكبريت، فقر الجبل وسكن وهدأ وأجاب لقوله.
قال له اليهودي: فإن هذا سليمان عليه السلام أعطي ملكا لا ينبغي لاحد من بعده.
فقال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمد صلى الله عليه وآله أعطي ما هو أفضل من هذا، إنه هبط إليه ملك لم يهبط إلى الأرض قبله وهو ميكائيل.
فقال له: يا محمد عش ملكا منعما، وهذه مفاتيح خزائن الأرض معك، وتسير (5) معك جبالها ذهبا وفضة، لا ينقص لك فيما ادخر (6) لك في الآخرة شئ، فأومأ إلى جبرئيل عليه السلام - وكان خليله من الملائكة - فأشار إليه: إن تواضع، فقال: بل أعيش نبيا عبدا، آكل يوما، ولا آكل يومين، وألحق بإخواني من الأنبياء من قبلي، فزاده الله تعالى الكوثر، وأعطاه الشفاعة، وذلك أعظم من ملك الدنيا من أولها إلى آخرها سبعين مرة، ووعده المقام المحمود، فإذا كان يوم القيامة أقعده الله تعالى على العرش، فهذا أفضل مما أعطي سليمان بن داود عليه السلام.
قال له اليهودي: فإن هذا سليمان عليه السلام قد سخرت له الرياح فسارت به في بلاده، غدوها شهر ورواحها شهر.
فقال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمد صلى الله عليه وآله أعطي ما هو أفضل من هذا، إنه أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر، وعرج به في ملكوت