من الأرض عبادة الأوثان، وجعل اسمي في القرآن محمدا، فأنا محمود في جميع (1) القيامة في فصل القضاء، لا يشفع أحد غيري، وسماني في القيامة حاشرا، يحشر الناس على قدمي وسماني الموقف، أوقف الناس بين يدي الله جل جلاله، وسماني العاقب، أنا عقب النبيين، ليس بعدي رسول، وجعلني رسول الرحمة، ورسول التوبة، ورسول الملاحم والمقفي (2)، قفيت النبيين جماعة، وأنا القيم الكامل الجامع، ومن علي ربي وقال لي: يا محمد صلى الله عليك فقد أرسلت كل رسول إلى أمته بلسانها، وأرسلتك إلى كل أحمر وأسود من خلقي، و نصرتك بالرعب الذي لم أنصر به أحدا، وأحللت لك الغنيمة ولم تحل لاحد قبلك، و أعطيتك ولأمتك كنزا من كنوز عرشي: فاتحة الكتاب، وخاتمة سورة البقرة، و جعلت لك ولأمتك الأرض كلها مسجدا، وترابها طهورا، وأعطيت لك ولأمتك التكبير، وقرنت ذكرك بذكري حتى لا يذكرني أحد من أمتك إلا ذكرك مع ذكري، فطوبى لك يا محمد ولأمتك (3).
توضيح: قال شارح الشفاء للقاضي عياض: أحيد بضم الهمزة، وفتح المهملة، وسكون التحتية، فدال مهملة، وقيل: بفتح الهمزة، وسكون المهملة، وفتح التحتية، قال: سميت أحيد لأني أحيد بأمتي عن نار جهنم، أي أعدل بهم انتهى (4).
وأما أحمد في اللغة فأفعل مبالغة من صفة الحمد، ومحمد مفعل مبالغة من كثرة الحمد، فهو صلى الله عليه وآله أجل من حمد، وأفضل من حمد، وأكثر الناس حمدا، فهو أحمد المحمودين الحامدين، فأحمد إما مبالغة من الفاعل، أو من مفعول.
قوله صلى الله عليه وآله: يحشر الناس على قدمي، كناية عن أنه أول من يحشر من الخلق، ثم يحشر الناس بعده، وقيل: أي في زمانه وعهده، ولا نبي بعده: وقيل: أي يقدم الخلق في المحشر وهم خلفه. والملاحم جمع الملحمة وهو القتال.