بعد ذلك: أو قاومه، أي قام معه، قوله: ولا تؤبن فيه الحرم، قال الجزري: أي لا يذكرن بقبيح، كان يصان مجلسه عن رفث القول، يقال: أبنت الرجل ابنه: إذا رميته بخلة (1) سوء، فهو مأبون، وهو مأخوذ من الابن وهو العقد تكون في القسي يفسدها و تعاب بها، قوله: سلاجم جمع سلجم، وهي الطويل، والسراء بالفتح ممدودا، شجر يتخذ منه القسي، وقال الجوهري: الابنة بالضم: العقدة في العود، ومنه قول الأعشى: قضيب سراء كثير الأبن، قوله: لا تنثى فلتأته، قال الجزري: أي لا تذاع، يقال: نثوت الحديث أنثوه نثوا، والنثاء في الكلام يطلق على القبيح والحسن، يقال: ما أقبح نثاه وما أحسنه، والفلتات جمع فلتة وهي الزلة، أراد أنه لم يكن لمجلسه فلتات فتنثى.
أقول: الضمير في فلتأته راجع إلى المجلس.
قوله: متواصلين فيه بالتقوى، في بعض رواياتهم: يتواصون فيه بالتقوى، وفي بعضها: يتعاطفون بالتقوى، والفظ: السئ الخلق، والصخب بالصاد والسين: الضجة واضطراب الأصوات للخصام، قوله: كأنما على رؤوسهم الطير، قال الجزري: وصفهم بالسكون الوقار، وأنهم لم يكن فيهم طيش ولا خفة، لان الطير لا تكاد تقع إلا على شئ ساكن، وقال الفيروزآبادي: كأن على رؤوسهم الطير، أي سأكون هيبة، وأصله أن الغراب يقع على رأس البعير فيلقط منه القراد (2)، فلا يتحرك البعير لئلا ينفر عنه الغراب، قوله: لا يتنازعون عنده الحديث، أي إذا تكلم أحد منهم أمسكوا حتى يفرغ ثم يتكلم الآخر، فما بعده تفسيره، قوله: حديثهم عنده حديث أولاهم (3)، وفي بعض النسخ: أولهم بالافراد، ولعله تأكيد للسابق، أي لا يتكلم إلا من سبق بالكلام، قوله:
على الجفوة، أي غلظته وبعده من الآداب، قوله: ليستجلبونهم، أي يجيئون معهم بالغرباء إلى مجلسه من كثرة احتماله عنهم، وصبره على ما يكون منهم في سؤالهم إياه وغير ذلك،