رجليه بسرعة ويمد خطوه خلاف مشية المختال، ويقصد سمته (1)، وكل ذلك برفق وتثبت دون عجلة، كما قال: كأنما ينحط من صبب (2).
وقال الجزري: الصبب: ما انحدر من الأرض.
قوله: وإذا التفت التفت جميعا، قال الجزري: أراد أنه لا يسارق النظر، وقيل أراد لا يلوي عنقه يمنه ويسرة إذا نظر إلى الشئ، وإنما يفعل ذلك الطائش الخفيف، ولكن كان يقبل جميعا ويدبر جميعا، قوله: جل نظره الملاحظة، قال الجزري: هي مفاعلة من اللحظ، وهو النظر بشق العين الذي يلي الصدغ، وأما الذي يلي الانف فالموق والماق.
أقول: وفي الفائق وغيره من كتبهم بعد ذلك: " يسوق أصحابه (3) " وقالوا في تفسيره:
أي يقدمهم أمامه، ويمشي خلفهم تواضعا، ولا يدع أحدا يمشي خلفه، قال بعضهم: وفي حديث آخر أنه كان يقول: " اتركوا خلف ظهري للملائكة " قوله: ليست له راحة، أي فراغ من الفكر والعمل، قوله: بأشداقه، قال الجزري: الأشداق: جوانب الفم، وإنما يكون ذلك لرحب شدقيه، والعرب تمتدح بذلك انتهى.
وقيل: أي كان لا يتشدق في الكلام بأن بفتح فاه كله، قوله: بجوامع الكلم، قال الجزري: أي أنه كان كثير المعاني قليل الألفاظ، قوله: فصلا، أي بينا ظاهرا يفصل بين الحق والباطل، وقيل: أي الحكم الذي لا يعاب قائله، قوله: دمثا، قال الجزري: أراد أنه كان لين الخلق في سهولة، وأصله من الدمث، وهو الأرض السهلة الرخوة، والرمل الذي ليس بمتلبد، قوله: ليس بالجافي، قال: أي ليس بالغليظ الخلقة والطبع، أوليس بالذي يجفو أصحابه، والمهين يروى بضم الميم وفتحها، فالضم على الفاعل من أهان أي لا يهين من صحبه، والفتح على المفعول من المهانة: الحقارة، وهو مهين، أي حقير، قوله: تعظم عنده النعمة، في الفائق: يعظم النعمة، وقال: أي لا يستصغر شيئا أوتيه، وإن كان صغيرا، وقال: الذواق: اسم ما يذاق، أي لا يصف الطعام بطيب ولا