من الصخرة (1)، وينحدر من صبب، وإذا جاء مع القوم بذهم، عرقه في وجهه كاللؤلؤ (2)، وريح المسك ينفح منه، لم ير قبله مثله ولا بعده، طيب الريح، نكاح النساء، ذو النسل القليل، إنما نسله من مباركة لها بيت في الجنة لا صخب فيه ولا نصب (3) يكفلها في آخر الزمان كما كفل زكريا أمك، لها فرخان مستشهدان، كلامه القرآن ودينه الاسلام، وأنا السلام، طوبى لمن أدرك زمانه، وشهد أيامه وسمع كلامه، قال عيسى:
يا رب وما طوبى؟ قال: شجرة في الجنة أنا غرستها (4)، تظل الجنان، أصلها من رضوان، ماؤها من تسنيم، برده برد الكافور، وطعمه طعم الزنجبيل، من يشرب من تلك العين شربة لا يظمأ بعدها أبدا، فقال عيسى عليه السلام: اللهم اسقني منها، قال: حرام يا عيسى على البشر أن يشربوا منها حتى يشرب ذلك النبي صلى الله عليه وآله، وحرام على الأمم أن يشربوا منها حتى يشرب أمة ذلك النبي صلى الله عليه وآله، أرفعك إلي ثم أهبطك في آخر الزمان لترى من أمة ذلك النبي صلى الله عليه وآله العجائب، ولتعينهم على اللعين الدجال، أهبطك في وقت الصلاة لتصلي معهم إنهم أمة مرحومة (5).
بيان: لا يبعد أن يكون سوريا في تلك اللغة اسم سورى، قال في القاموس: السورى كطوبى موضع بالعراق، وهو من بلد السريانيين. وقال: المدرعة كمكنسة: ثوب كالدراعة، ولا تكون إلا من صوف، وقال: النجل بالتحريك: سعة العين فهو أنجل. قوله:
صلت الجبين، قال الجزري: أي واسعة، وقال الفيروزآبادي: رجل مفجل الثنايا:
منفرجها، قوله: كأن الذهب يجري في تراقيه، لعله كناية عن حمرة ترقوته صلى الله عليه وآله، أو سطوع النور منها. قوله: بذهم، قال الجزري: فيه بذ العالمين، أي سبقهم وغلبهم.