أعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة وموازرة.
قال: وسألته (1) عن مجلسه، فقال: كان صلى الله عليه وآله لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر (2)، ولا يوطن الأماكن (3) وينهى عن إيطانها، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك، ويعطي كل جلسائه نصيبه، ولا يحسب أحد من جلسائه أن أحدا (4) أكرم عليه منه، من جالسه صابره (5) حتى يكون هو المنصرف عنه، من سأله حاجة لم يرجع إلا بها (6) أو بميسور من القول، قد وسع الناس منه خلقه، وصار لهم أبا (7)، وصاروا عنده في الحق سواء، مجلسه مجلس حلم وحياء وصدق وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تؤبن (8) فيه الحرم، ولا تنثى فلتأته، متعادلين (9) متواصلين فيه بالتقوى، متواضعين يوقرون الكبير، ويرحمون الصغير، ويؤثرون ذا الحاجة، ويحفظون الغريب (10).
فقلت: فكيف كانت سيرته في جلسائه؟ فقال: كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب: ليس بفظ ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي،