أرأيت ما كنت تخاف قد نزل والله بك، آمن الناس، فأمر بالأخدود فخددت على أفواه السكك، ثم أضرمها نارا فقال: من رجع عن دينه فدعوه ومن أبى فاقحموه فيها، فجعلوا يقتحمونها، وجاءت امرأة بابن لها فقال لها: يا أمة اصبري فإنك على الحق. (1) وقال ابن المسيب: كنا عند عمر بن الخطاب إذ ورد عليه أنهم احتفروا فوجدوا ذلك الغلام وهو واضع يده على صدغه، فكلما مدت يده عادت إلى صدغه، فكتب عمر:
واروه حيث وجدتموه.
وروى سعيد بن جبير قال: لما انهزم أهل اسفندهان قال عمر بن الخطاب: ما هم بيهود ولا نصارى، ولا لهم كتاب وكانوا مجوسا، فقال علي بن أبي طالب عليه السلام: بلى قد كان لهم كتاب ولكنه رفع، وذلك أن ملكا لهم سكر فوقع على ابنته - أو قال: على أخته - فلما أفاق قال لها: كيف المخرج مما وقعت فيه؟ قالت: تجمع أهل مملكتك و تخبرهم أنك ترى نكاح البنات وتأمرهم أن يحلوه، فجمعهم فأخبرهم، فأبوا أن يتابعوه فخد لهم أخدودا في الأرض وأوقد فيه النيران وعرضهم عليها، فمن أبى قبول ذلك قذفه في النار، ومن أجاب خلى سبيله.
وقال الحسن: كان النبي صلى الله عليه وآله إذا ذكر عنده أصحاب الأخدود تعوذ بالله من جهد البلاء.
وروى العياشي بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أرسل علي عليه السلام إلى أسقف نجران يسأله عن أصحاب الأخدود فأخبره بشئ، فقال علي عليه السلام: ليس كما ذكرت، ولكن سأخبرك عنهم، إن الله بعث رجلا حبشيا نبيا وهم حبشية فكذبوه فقاتلهم فقتلوا أصحابه وأسروه وأسروا أصحابه، ثم بنوا له حيرا، (2) ثم ملؤوه نارا، ثم جمعوا الناس فقالوا: من كان على ديننا وأمرنا فليعتزل، ومن كان على دين هؤلاء فليرم نفسه في النار معه، فجعل أصحابه يتهافتون في النار، فجاءت امرأة معها صبي لها ابن شهر، فلما هجمت على النار هابت ورقت على ابنها، فناداها الصبي: لا تهابي وارمي بي وبنفسك