فخرج سهم يونس، وهو قول الله عز وجل: " فساهم فكان من المدحضين " فأخرجوه فألقوه في البحر فالتقمه الحوت ومر به في الماء.
وقد سأل بعض اليهود أمير المؤمنين عليه السلام عن سجن طاف أقطار الأرض بصاحبه، فقال: يا يهودي أما السجن الذي طاف أقطار الأرض بصاحبه فإنه الحوت الذي حبس يونس في بطنه، فدخل في بحر القلزم، ثم خرج إلى بحر مصر، ثم دخل إلى بحر طبرستان، ثم خرج في دجلة الغوراء، (1) قال: ثم مرت به تحت الأرض حتى لحقت بقارون، وكان قارون هلك في أيام موسى عليه السلام ووكل الله به ملكا يدخل في الأرض كل يوم قامة رجل، وكان يونس في بطن الحوت يسبح الله ويستغفره، فسمع قارون صوته فقال للملك الموكل به: أنظرني فإني أسمع كلام آدمي، فأوحى الله إلى الملك الموكل به: أنظره، فأنظره، ثم قال قارون: من أنت؟ قال يونس: أنا المذنب الخاطئ يونس بن متى قال: فما فعل الشديد الغضب (2) لله موسى بن عمران؟ قال: هيهات هلك، قال: فما فعل الرؤوف الرحيم على قومه هارون بن عمران؟ قال: هلك، قال: فما فعلت كلثم بنت عمران التي كانت سميت لي؟ قال: هيهات ما بقي من آل عمران أحد، فقال قارون: وا أسفاه على آل عمران، فشكر الله له ذلك، فأمر الله الملك الموكل به أن يرفع عنه العذاب أيام الدنيا فرفع عنه، فلما رأى يونس ذلك نادى في الظلمات: " أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " فاستجاب الله له وأمر الحوت فلفظه على ساحل البحر وقد ذهب جلده ولحمه، وأنبت الله عليه شجرة من يقطين وهي الدباء، فأظلته من الشمس فسكن، (3) ثم أمر الله الشجرة فتنحت عنه ووقعت الشمس عليه، فجزع فأوحى الله إليه: يا يونس لم ترحم مائة ألف أو يزيدون وأنت تجزع من ألم ساعة؟ فقال: يا رب عفوك عفوك، فرد الله بدنه (4) ورجع إلى قومه وآمنوا به، وهو قوله: " فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها