الذي صنعت، ولم أف لك بما كان بيني وبينك، وتفرق ما كان في يدي وقد احتجت إليك فأنشدك الله أن لا تخذلني، أنا أوثق لك أن لا يخرج لي شئ إلا كان بيني وبينك وقد بعث إلي الملك ولست أدري عما يسألني، فقال: إنه يريد أن يسألك عن رويا رآها أي زمان هذا؟ فقل له: إن هذا زمان الكبش، فأتى الملك فدخل عليه فقال: لما بعثت إليك؟ فقال: إنك رأيت رؤيا، وإنك تريد أن تسألني أي زمان هذا، فقال له: صدقت فأخبرني أي زمان هذا؟ فقال: هذا زمان الكبش، فأمر له بصلة فقبضها، وانصرف إلى منزله، وتدبر رأيه في أن يفي لصاحبه أو لا يفي (1) فهم مرة أن يفعل ومرة أن لا يفعل ثم قال: لعلي لا أحتاج إليه (2) بعد هذه المرة أبدا، وأجمع رأيه على الغدر وترك الوفاء فمكث ما شاء الله.
ثم إن الملك رأى رؤيا فبعث إليه فندم على ما صنع فيما بينه وبين صاحبه، وقال بعد غدر مرتين: (3) كيف أصنع وليس عندي علم، ثم أجمع رأيه على إتيان الرجل فأتاه فناشده الله تبارك وتعالى وسأله أن يعلمه وأخبره أن هذه المرة يفي له، وأوثق له وقال:
لا تدعني على هذه الحال فإني لا أعود إلى الغدر وسأفي لك، فاستوثق منه، فقال: إنه يدعوك يسألك عن رؤيا رآها أي زمان هذا؟ فإذا سألك فأخبره أنه زمان الميزان، قال:
فأتى الملك فدخل عليه فقال له: لم بعثت إليك؟ فقال: إنك رأيت رؤيا وتريد أن تسألني أي زمان هذا، فقال: صدقت، فأخبرني أي زمان هذا؟ قال: هذا زمان الميزان، فأمر له بصلة فقبضها وانطلق بها إلى الرجل فوضعها بين يديه وقال: قد جئتك بما خرج لي فقاسمنيه.
فقال له العالم: إن الزمان الأول كان زمان الذئب وإنك كنت من الذئاب، و إن الزمان الثاني كان زمان الكبش يهم ولا يفعل، وكذلك كنت أنت تهم ولا تفي، و كان هذا زمان الميزان وكنت فيه على الوفاء، فاقبض مالك لا حاجة لي فيه، ورده عليه. (4)