بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٤ - الصفحة ٣١٣
ويلكم ألم تكونوا أذلة فأعزكم فلما عززتم قهرتم واعتديتم وعصيتم؟ ويلكم ألم تكونوا مستضعفين في الأرض تخافون أن يتخطفكم (1) الناس فنصركم وأيدكم فلما نصركم استكبرتم وتجبرتم؟ فيا ويلكم من ذل يوم القيامة كيف يهينكم ويصغركم؟ و يا ويلكم يا علماء السوء إنكم لتعملون عمل الملحدين وتأملون أمل الوارثين وتطمئنون بطمأنينة الآمنين، وليس أمر الله على ما تتمنون (2) وتتخيرون، بل للموت تتوالدون، وللخراب تبنون وتعمرون، وللوارثين تمهدون.
بحق أقول لكم: إن موسى كان يأمركم أن لا تحلفوا بالله كاذبين، وأنا أقول:
لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين، (3) ولكن قولوا: لا ونعم. يا بني إسرائيل عليكم بالبقل البري، وخبز الشعير، وإياكم وخبز البر فإني أخاف عليكم أن لا تقوموا بشكره.
بحق أقول لكم: إن الناس معافى ومبتلى، فاحمدوا الله على العافية، وارحموا أهل البلاء.
بحق أقول لكم: إن كل كلمة سيئة تقولون بها تعطون جوابها يوم القيامة. يا عبيد السوء إذا قرب أحدكم قربانه ليذبحه فذكر أن أخاه واجد عليه (4) فليترك قربانه وليذهب إلى أخيه فليرضه (5) ثم ليرجع إلى قربانه فليذبحه. يا عبيد السوء إذا أخذ (6) قميص أحدكم فليعط رداءه معه، ومن لطم خده منكم فليمكن من خده الآخر ومن سخر منكم ميلا فليذهب ميلا آخر معه. (7)

(1) تخطف الشئ: استلبه. اجتذبه وانتزعه.
(2) في المصدر: على ما تمنون.
(3) في المصدر: ان موسى كان يأمركم أن لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين ولكن قولوا:
لا ونعم اه‍. وما في الكتاب أحسن، ولعله من اسقاط الناسخ.
(4) وجد عليه: غضب.
(5) في نسخة: فليترضه. أي فليطلب رضاه.
(6) في المصدر: إن اخذ.
(7) هذه وما بعدها من الآداب الخلقية التي ينبغي رعايتها والمواظبة عليها في كل ملة ما لا تستلزم معاونة الظالم وتجريه على ظلمه، فلا تنافي ما ثبت في شريعة موسى عليه السلام - وعيسى عليه السلام كان مأمورا بتبعيتها - من قانون القصاص والجزاء: كقوله تعالى: " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والانف بالأنف والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص " وكذا لا يصح قول من ادعى أن ذلك منسوخ في شريعتنا، حيث إن الآداب الحسنة لا تنسخ أبدا، وذلك مما لا ريب فيه. والعجب من أمة يدعون أنهم من أمة عيسى عليه السلام ويسمون أنفسهم بالمسيحيين كيف لم يؤثر فيهم واحد من هذه الآداب الخلقية؟ بل أدبوا أنفسهم بنقيضها، أترونهم إذا اخذ قميص أحدهم يعطى رداءه أيضا؟! وإذا لطم خده يمكن خده الاخر؟! أو سخر ميلا يذهب ميلا اخر؟! أم ترونهم على خلاف ذلك؟ أليسوا هم الذين أخذوا رداء العز والسيادة والقادة من الأمم، وألبسوهم مكانه لباس الذل والقيادة؟ أليسوا سودوا وجوه العالمين بلطام الظلم والاستبداد؟
أليسوا قد سخروا العباد، وخربوا البلاد، وأشاعوا قوانين الظلم والفساد، وروجوا دساتير الفحشاء والمنكرات، وهددوا عائلة البشرية كل آن بالسلح النارية المهلكة؟! أعاذنا الله وجميع الأمم من شرورهم.
(٣١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 عمر داود عليه السلام ووفاته وفضائله وما أعطاه الله ومنحه، وعلل تسميته وكيفية حكمه وقضائه، وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 2 قصة داود عليه السلام واوريا، وما صدر عنه من ترك الأولى، وما جرى بينه وبين حزقيل عليهما السلام، وفيه ثمانية أحاديث. 19
4 باب 3 ما أوحي إلى داود عليه السلام وصدر عنه من الحكم، وفيه 33 حديثا. 33
5 باب 4 قصة أصحاب السبت، وفيه 15 حديثا. 49
6 باب 5 فضل سليمان بن داود ومكارم أخلاقه وجمل أحواله عليه السلام، وفيه 29 حديثا 65
7 باب 6 معنى قول سليمان عليه السلام: (رب هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي) وفيه حديثان. 85
8 باب 7 قصة مرور سليمان عليه السلام بوادي النمل وتكلمه معها، وسائر ما وصل إليه من أصوات الحيوانات، وفيه أربعة أحاديث. 90
9 باب 8 تفسير قوله تعالى: (فطفق مسحا بالسوق والأعناق) وقوله: (وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب) وفيه حديث. 98
10 باب 9 قصة سليمان عليه السلام مع بلقيس، وفيه 14 حديثا. 109
11 باب 10 ما أوحي إلى سليمان عليه السلام وصدر عنة من الحكم، وفيه قصة نقش الغنم، وفيه تسعة أحاديث. 130
12 باب 11 وفاة سليمان عليه السلام وما كان بعده، وفيه تسعة أحاديث. 135
13 باب 12 قصة قوم سبأ وأهل الثرثار، وفيه ثلاثة أحاديث. 143
14 باب 13 قصة أصحاب الرس وحنظلة، وفيه سبعة أحاديث. 148
15 باب 14 قصة شعيا وحيقوق عليهما السلام، وفيه ثلاثة أحاديث. 161
16 باب 15 قصص زكريا ويحيى عليهما السلام، وفيه 42 حديثا. 163
17 باب 16 قصص مريم وولادتها وبعض أحوالها وأحوال أبيها عمران، وفيه 23 حديثا. 191
18 باب 17 ولادة عيسى عليه السلام، وفيه 32 حديثا. 206
19 باب 18 فضل عيسى عليه السلام ورفعة شأنه ومعجزاته وتبليغه ومدة عمره ونقش خاتمه وجمل أحواله، وفيه 56 حديثا. 230
20 باب 19 ما جرى بين عيسى عليه السلام وبين إبليس لعنه الله، وفيه أربعة أحاديث 270
21 باب 20 حواري عيسى وأصحابه، وأنهم لم سموا حواريين، وأنه لم سمي النصارى نصارى، وفيه 21 حديثا. 272
22 باب 21 مواعظ عيسى عليه السلام وحكمه وما أوحي إليه، وفيه 72 حديثا. 283
23 باب 22 تفسير الناقوس، وفيه حديث. 334
24 باب 23 رفع عيسى عليه السلام إلى السماء، وفيه 15 حديثا. 335
25 باب 24 ما حدث بعد رفع عيسى عليه السلام وزمان الفترة بعده، ونزوله من السماء، وقصص وصيه شمعون بن حمون الصفا، وفيه 13 حديثا. 345
26 باب 25 قصص أرميا ودانيال وعزير وبخت نصر، وفيه 25 حديثا. 351
27 باب 26 قصص يونس عليه السلام وأبيه متى، وفيه 17 حديثا. 379
28 باب 27 قصة أصحاب الكهف والرقيم، وفيه 15 حديثا. 407
29 باب 28 قصة أصحاب الأخدود، وفيه خمسة أحاديث. 438
30 باب 29 قصة جرجيس عليه السلام، وفيه حديث. 445
31 باب 30 قصة خالد بن سنان العبسي عليه السلام، وفيه أربعة أحاديث. 448
32 باب 31 ما ورد بلفظ نبي من الأنبياء وبعض نوادر أحوالهم وأحوال أممهم، وفيه ذكر نبي المجوس، وفيه 39 حديثا. 451
33 باب 32 نوادر أخبار بني إسرائيل، وفيه 39 حديثا. 486
34 باب 33 بعض أحوال ملوك الأرض، وفيه ستة أحاديث. 513