مريم أحامل أنت؟ قالت: لماذا تسأليني؟ قالت: إني أرى (1) ما في بطني يسجد لما في بطنك، فذلك تصديقه، وقيل: صدق المسيح عليه السلام وله ثلاث سنين، وإنما ولد قبل المسيح عليه السلام بثلاث سنين، وقيل: بستة أشهر، وكان يأكل العشب وأوراق الشجر، وقيل: كان يأكل خبز الشعير، فمر به إبليس ومعه رغيف شعير فقال: أنت تزعم أنك زاهد وقد ادخرت رغيف شعير؟ فقال يحيى: يا ملعون هو القوت، فقال إبليس: إن أقل من القوت (2) يكفي لمن يموت، فأوحى الله إليه: أعقل ما يقول لك. ونبئ صغيرا، فكان يدعو الناس إلى عبادة الله، ويلبس الشعر، ولم يكن له دينار ولا درهم ولا بيت يسكن إليه، (3) أينما جنه الليل أقام، ولم يكن له عبد ولا أمة، فنهى ملك زمانه عن تزويج بنت أخيه أو بنت زوجته فقتله، فلما سمع أبوه بقتله فر هاربا فدخل بستانا عند بيت المقدس فيه أشجار فأرسل الملك في طلبه، فمر زكريا عليه السلام بشجرة فنادته: هلم إلي يا نبي الله، فلما أتاها انشقت فدخل فيها فانطبقت عليه فبقي في وسطها، فأتى عدو الله إبليس فأخذ هدب ردائه فأخرجه من الشجرة ليصدقوه إذا أخبرهم، ثم لقي الطلب (4) فقال لهم:
ما تريدون؟ فقالوا: نلتمس زكريا، فقال: إنه سحر هذه الشجرة فانشقت له فدخلها، قالوا: لا نصدقك، فأراهم طرف ردائه، (5) فأخذوا الفأس وقطعوا الشجرة وشقوها بالمنشار فمات زكريا عليه السلام فيها، فسلط الله عليهم أخبث أهل الأرض فانتقم به منهم، وقيل: إن السبب في قتله أن إبليس جاء إلى مجالس بني إسرائيل فقذف زكريا بمريم، وقال لهم ما أحبلها غيره، وهو الذي كان يدخل عليها، فطلبوه فهرب، إلى آخر ما مر. (6) أقول: قال الشيخ في المصباح: في أول يوم من المحرم استجاب الله تعالى دعوة