للجد لأمر عظيم، ثم قال: " وحنانا من لدنا " يعني تحننا ورحمة على والديه وسائر عبادنا " وزكاة " يعني طهارة لمن آمن به وصدقه " وكان تقيا " يتقي الشرور والمعاصي " وبرا بوالديه " محسنا إليهما، مطيعا لهما " ولم يكن جبارا عصيا " يقتل على الغضب و يضرب على الغضب، لكنه مامن عبد لله (1) عز وجل إلا وقد أخطأ أو هم بخطيئة ما خلا يحيى بن زكريا عليه السلام، فإنه لم يذنب ولم يهم بذنب، ثم قال الله عز وجل: " وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا ".
وقال أيضا في قصة يحيى: (2) " هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء " يعني لما رأى زكريا عليه السلام عند مريم فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء وقال لها: " يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب " وأيقن زكريا أنه من عند الله إذ كان لا يدخل عليها أحد غيره قال عند ذلك في نفسه: إن الذي يقدر أن يأتي مريم بفاكهة الشتاء في الصيف و فاكهة الصيف في الشتاء لقادر أن يهب لي ولدا وإن كنت شيخا وكانت امرأتي عاقرا، فهنالك دعا زكريا ربه فقال: " رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء " قال الله عز وجل: " فنادته الملائكة " يعني نادت زكريا " وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله " قال: مصدقا بعيسى، يصدق يحيى بعيسى (3) " وسيدا " يعني رئيسا في طاعة الله على أهل طاعته " وحصورا " وهو الذي لا يأتي النساء " ونبيا من الصالحين " قال: وكان أول تصديق يحيى بعيسى أن زكريا كان لا يصعد إلى مريم في تلك الصومعة غيره يصعد إليها بسلم، فإذا نزل أقفل عليها ثم فتح لها من فوق الباب كوة صغيرة يدخل عليها منها الريح، فلما وجد مريم وقد حبلت ساءه ذلك و قال في نفسه: ما كان يصعد إلى هذه أحد غيري وقد حبلت، والآن أفتضح في بني إسرائيل لا يشكون أني أحبلتها، فجاء إلى امرأته فقال لها ذلك، فقالت: يا زكريا لا تخف فإن