بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٢٣٨
ثم إن العبد لما كان مأمورا بملاحظة الأسباب وعدم الاعتماد عليها والتوكل على الله قال أولا ما يلزمه من الحزم والتدبير، ثم تبرأ عن الاعتماد على الأسباب بقوله: " وما أغنى عنكم من الله من شئ " ثم إنه تعالى صدقه على ما ذكره من عدم الاعتماد على الأسباب بقوله تعالى: " ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم " أي من أبواب متفرقة في البلد " ما كان يغني عنهم " رأي يعقوب واتباعهم له " من الله من شئ " مما قضاه عليهم كما قال يعقوب، فاخذ بنيامين بوجدان الصواع في رحله، وتضاعفت المصيبة على يعقوب " إلا حاجة في نفس يعقوب " استثناء منقطع، أي ولكن حاجة في نفسه، يعني شفقته عليهم وخوفه من أن يعانوا أو غير ذلك مما مر " قضاها " أي أظهرها ووصى بها " وإنه لذو علم لما علمناه " بالوحي ونصب الحجج ولذلك قال: " وما أغنى عنكم من الله من شئ " ولم يغتر بتدبيره " ولكن أكثر الناس لا يعلمون " أسرار القدر. (1) 9 - تفسير علي بن إبراهيم: فخرجوا وخرج معهم بنيامين، وكان لا يؤاكلهم ولا يجالسهم ولا يكلمهم فلما وافوا مصر دخلوا على يوسف وسلموا فنظر يوسف إلى أخيه فعرفه فجلس منهم بالبعيد، (2) فقال يوسف: أنت أخوهم؟ قال: نعم، قال: فلم لا تجلس معهم؟ قال: لأنهم أخرجوا أخي من أبي وأمي ثم رجعوا ولم يردوه وزعموا أن الذئب أكله فآليت على نفسي أن لا أجتمع معهم على أمر ما دمت حيا، قال: فهل تزوجت؟ قال: بلى، قال: فولد لك ولد؟ قال:
بلى، قال: كم ولد لك؟ (3) قال: ثلاثة بنين، قال: فما سميتهم؟ قال: سميت واحدا منهم الذئب، وواحدا القميص، وواحدا الدم، قال: وكيف اخترت هذه الأسماء؟
قال: لئلا أنسى أخي، كلما دعوت واحدا من ولدي (4) ذكرت أخي، قال يوسف لهم:
أخرجوا وحبس بنيامين، فلما خرجوا من عنده قال يوسف لأخيه: " أنا أخوك " يوسف " فلا تبتئس بما كانوا يعملون " ثم قال له: أنا أحب أن تكون عندي، فقال: لا يدعوني إخوتي فإن أبي قد أخذ عليهم عهد الله وميثاقه أن يردوني إليه، قال: فأنا أحتال بحيلة فلا تنكر

(1) أنوار التنزيل 1: 233 و 234. وفيه: سر القدر وانه لا يغنى عنه الحذر. م (2) في نسخة وفى المصدر: فجلس منهم بالبعد.
(3) ": كم ولدك؟
(4) ": كلما دعوت واحدا من أولادي.
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»
الفهرست