بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٢٣٢
6 - تفسير علي بن إبراهيم: قال علي بن إبراهيم: ثم إن الملك رأى رؤيا فقال لوزرائه: (1) إني رأيت في نومي سبع بقرات ثمان يأكلهن سبع عجاف أي مهازيل، ورأيت سبع سنبلات خضر واخر يابسات; وقرأ أبو عبد الله عليه السلام سبع سنابل خضر، ثم قال: " يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون " فلم يعرفوا تأويل ذلك، فذكر الذي كان
(١) قال الكلبي: ان رسول الملك جاءه فقال له: قم فان الملك يدعوك وألق ثياب السجن عنك والبس ثيابا جددا، فأقبل يوسف وتنظف من درن السجن ولبس ثيابه وأتى الملك وهو يومئذ ابن ثلاثين سنة، فلما رآه الملك شابا حدث السن قال: يا غلام هذا تأويل رؤياي ولم تعلم السحرة والكهنة؟ قال: نعم فأقعده قدامه وقص عليه رؤياه ورأي أن يوسف لما خرج من السجن دعا لأهله وقال: اللهم اعطف عليهم بقلوب الأخيار ولا تعم عنهم الاخبار، فلذلك تكون أصحاب السجن أعرف الناس في الاخبار في كل بلدة، وكتب على باب السجن: هذا قبور الاحياء، وبيت الأحزان، و محزنة الأصدقاء وشماتة الأعداء.
قال وهب: ولما وقف بباب الملك قال: " حسبي ربى من دنياي " إلى آخر ما سيأتي برواية الثعلبي من قوله: فاشتعلت فيهن النار وأحرقتهن وصرن سودا متغيرات فهذا آخر ما رأيت من الرؤيا ثم انتبهت من نومك مذعورا، فقال الملك: والله ما شأن هذه الرؤيا بأعجب ما سمعته منك، فما ترى في رؤياي أيها الصديق؟ فقال يوسف: أرى أن تجمع الطعام وتزرع زرعا كثيرا في هذه السنين المخصبة وتبنى الاهراء والخزائن فتجمع الطعام فيها بقصبه وسنبله ليكون قصبه وسنبله علفا للدواب، وتأمر الناس فيرفعون من طعامهم الخمس فيكفيك من الطعام الذي جمعته لأهل مصر ومن حولها، ويأتيك الخلق من النواحي فيمتارون منك بحكمك، ويجتمع عندك من الكنوز ما لم يجتمع لاحد، فقال الملك: ومن لي بهذا ومن يجمعه ويبيعه ويكفى الشغل فيه؟ فعند ذلك قال:
" اجعلني على خزائن الأرض " أي أرضك حافظا وواليا فانى حفيظ أحفظه من الخيانة عليم بمن يستحق ومن لا يستحق، وقيل: حفيظ للحساب، وعالم بالألسن. منه طاب الله ثراه.
قال الطبرسي أي الوليد والعزيز وزيره " يأكلهن سبع عجاف " أي مهازيل قد خلت السمان في بطون المهازيل حتى لم أر منهن شيئا " واخر يابسات " قد استحصدت فالتوت اليابسات على الخضر حتى غلبن عليها " يا أيها الملاء " أي الاشراف، وقيل: جمع السحرة والكهنة وقص رؤياه عليهم " قالوا أضغاث أحلام " أي أباطيل أحلام، أو تخاليطها، أي مناماة كاذبة لا يصح تأويلها " وما نحن بتأويل الأحلام " أي التي هذه صفتها " وادكر بعد أمة " أي تذكر بعد حين من الدهر و زمان طويل " فارسلون " أي أرسلوني إلى من عنده علم " لعلهم يعلمون " أي تأويلها أو مكانك و * فضلك " إلا قليلا مما تحصنون " أي تحرزون وتدخرون لبذر الزراعة انتهى.
واعلم أن اسم الملك مختلف في الكتب ففي بعض مواضع تفسيري الطبرسي والثعلبي الوليد ابن الريان، وفى بعضها الريان بن الوليد ولذا اختلف ذكره في كتابنا، والظاهر: الريان بن الوليد لاتفاق سائر الكتب عليه. منه رحمه الله.
قلت: ذكر البغدادي في المحبر ص 466 الفراعنة وقال: الثاني الريان بن الوليد بن ليث ابن فاران بن عمرو بن عمليق بن يلمع وهو فرعون يوسف.