فصاح ووضع خده على الأرض وقال: أنت يا رب، قال: ويقول لك: من أخرجك من الجب بعد أن طرحت فيها وأيقنت بالهلكة؟ قال: فصاح ووضع خده على الأرض ثم قال:
أنت يا رب، قال: فإن ربك قد جعل لك عقوبة في استغاثتك (1) بغيره فالبث (2) في السجن بضع سنين، قال: فلما انقضت المدة وأذن الله له في دعاء الفرج وضع خده على الأرض ثم قال: " اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك فإني أتوجه إليك بوجه آبائي الصالحين: إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب " ففرج الله عنه، قلت:
جعلت فداك أندعو نحن بهذا الدعاء؟ فقال: ادع بمثله: اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك فإني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة عليهم السلام. (3) تفسير العياشي: عنم العقرقوفي مثله. (4) بيان: قال الطبرسي قدس الله روحه بعد نقل أمثال هذه الرواية: والقول في ذلك أن الاستعانة بالعباد في دفع المضار والتخلص من المكاره جائز غير منكر ولا قبيح، بل ربما يجب، وكان نبينا يستعين فيما ينوبه بالمهاجرين والأنصار وغيرهم، ولو كان قبيحا لم يفعله، فلو صحت هذه الروايات فإنما عوتب عليه السلام على ترك عادته الجميلة في الصبر و التوكل على الله سبحانه في كل أموره دون غيره وقتا ما وابتلاء وتشديدا، وإنما كان يكون قبيحا لو ترك التوكل على الله سبحانه واقتصر على غيره، وفي هذا ترغيب في الاعتصام بالله والاستعانة به دون غيره في الشدائد وإن جاز أيضا أن يستعان بغيره انتهى. (5) أقول: ما ذكره رحمه الله من كون هذه الاستعانة جائزة غير محرمة لا ريب فيه; وأما مقايستها باستعانة الرسول صلى الله عليه وآله بالمهاجرين والأنصار فقياس مع الفارق إذ ما كان بأمر الله لابتلاء الخلق وتكليفهم ليس من هذا الباب.