علموا أن العذاب نازل بهم فماتوا أجمعين في طرفة عين كبيرهم وصغيرهم، فلم يبق الله منهم ثاغية ولا راغية شيئا " يتنفس إلا أهلكها، فأصبحوا في ديارهم موتى، ثم أرسل الله عليهم مع الصيحة النار من السماء فأحرقتهم أجمعين، فهذه قصتهم.
وروى الثعلبي (1) بإسناده مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وآله قال: يا علي أتدري من أشقى الأولين؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: عاقر الناقة. قال: أتدري من أشقى الآخرين؟
قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: قاتلك.
وفي رواية أخرى: أشقى الآخرين من يخضب هذه من هذه وأشار إلى لحيته ورأسه وروى أبو الزبير، (2) عن جابر بن عبد الله قال: لما مر النبي صلى الله عليه وآله بالحجر في غزوة تبوك قال لأصحابه: لا يدخلن أحد منكم القرية، ولا تشربوا من مائهم، ولا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم الذي أصابهم، ثم قال: أما بعد فلا تسألوا رسولكم الآيات، هؤلاء قوم صالح سألوا رسولهم الآية فبعث الله لهم الناقة، و كانت ترد من هذا الفج وتصدر من هذا الفج، تشرب ماءهم يوم وردها، وأراهم مرتقى الفصيل حين ارتقى في المغارة، وعتوا عن أمر ربهم فعقروها، فأهلك الله من تحت أديم السماء منهم في مشارق الأرض ومغاربها إلا رجلا " واحدا " يقال له أبو رغال وهو أبو ثقيف كان في حرم الله فمنعه حرم الله من عذاب الله، فلما خرج أصابه ما أصاب قومه، فدفن ودفن معه غصن من ذهب وأراهم قبر أبي رغال، فنزل القوم: فابتدروه بأسيافهم وحثوا عنه فاستخرجوا ذلك الغصن، ثم قنع رسول الله صلى الله عليه وآله وأسرع السير حتى جاز الوادي. (3) توضيح: قال الجوهري: التفحج: هو أن يفرج بين رجليه إذا جلس، وكذلك التفحيج، وقد أفحج الرجل حلوبته: إذا فرج ما بين رجليها ليحلبها. وقال الثعلبي:
ثم زمرته يعني حضته على عقر الناقة. وقال الجوهري: السقب: الذكر من ولد الناقة.