8 - تفسير علي بن إبراهيم: قوله: " وإلى ثمود أخاهم صالحا " قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب " إلى قوله: " وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب " فإن الله تبارك وتعالى بعث صالحا " إلى ثمود وهو ابن ست عشر سنة (1) لا يجيبونه إلى خير، وكان لهم سبعون صنما " يعبودنها من دون الله، فلما رأى ذلك منهم قال لهم: يا قوم بعثت إليكم وأنا ابن ست عشر سنة، و قد بلغت عشرين ومائة سنة وأنا أعرض عليكم أمرين: إن شئتم فاسألوني حتى أسأل إلهي فيجيبكم، وإن شئتم سألت آلهتكم فإن أجابتني خرجت عنكم، فقالوا: أنصفت فأمهلنا فأقبلوا يتعبدون ثلاثة أيام ويتمسحون الأصنام (2) ويذبحون لها، وأخرجوها إلى سفح الجبل، وأقبلوا يتضرعون إليها، فلما كان يوم الثالث قال لهم صالح عليه السلام: قد طال هذا الأمر فقالوا له: سل (3) ما شئت، فدنا إلى أكبر صنم لهم فقال له: ما اسمك؟ فلم يجبه، فقال (لهم خ): ماله لا يجيبني؟ قالوا له: تنح عنه، فتنحى عنه فأقبلوا إليه يتضرعون و وضعوا على رؤوسهم التراب وضجوا وقالوا: فضحتنا ونكست رؤوسنا، فقال صالح: قد ذهب النهار، فقالوا: سله، فدنا منه فكلمه فلم يجبه، فبكوا وتضرعوا حتى فعلوا ذلك ثلاث مرات فلم يجبه بشئ، فقالوا: إن هذا لا يجيبك، ولكنا نسأل إلهك، فقال لهم:
سلوا (4) ما شئتم، فقالوا: سله أن يخرج لنا من هذا الجبل ناقة حمراء شقراء عشراء، (5) أي حاملة، تضرب منكبيها طرفي الجبلين، وتلقي فصيلها من ساعتها، وتدر لبنها، فقال صالح: إن الذي سألتموني عندي عظيم وعند الله هين، فقام فصلى ركعتين ثم سجد وتضرع إلى الله فما رفع رأسه حتى تصدع الجبل وسمعوا له دويا " شديدا " فزعوا منه وكادوا أن يموتوا منه، فطلع رأس الناقة وهي تجتر، (6) فلما خرجت ألقت فصيلها، ودرت بلبنها