قرشية ليسكن إليها، فلما آتاهما ما طالبا (1) من الولد الصالح السوي جعلا له شركاء فيما آتاهما، حيث سميا أولادهما الأربعة بعبد مناف وعبد العزى وعبد قصي وعبد اللات وجعل الضمير في " يشركون " لهما ولأعقابهما الذين اقتدوا بهما في الشرك.
التأويل الثالث: أن نسلم أن هذه الآية وردت في شرح قصة آدم عليه السلام وعلى هذا التقدير ففي دفع هذا الأشكال وجوه:
الأول أن المشركين كانوا يقولون: إن آدم عليه السلام كان يعبد الأصنام ويرجع في طلب الخير والشر إليها، فذكر تعالى قصة آدم وحواء وحكى عنهما أنهما قالا: " لئن آتيتنا صالحا " لنكونن من الشاكرين " أي ذكرا أنه تعالى لو آتاهما ولدا " صالحا " سويا " لاشتغلوا بشكر تلك النعمة، ثم قال: " فلما آتاهما صالحا " جعلا له شركاء " فقوله: " جعلا له شركاء " ورد بمعنى الاستفهام على سبيل الإنكار والتبعيد، والتقدير: فلما آتاهما صالحا " جعلا له شركاء فيما آتاهما؟ ثم قال: " فتعالى الله عما يشركون " أي تعالى الله عن شرك هؤلاء المشركين الذين يقولون بالشرك وينسبونه إلى آدم عليه السلام ونظيره أن ينعم رجل على رجل بوجوه كثيرة من الأنعام ثم يقال لذلك المنعم إن ذلك المنعم عليه يقصد إساءتك و إيصال الشر إليك، فيقول ذلك المنعم: فعلت في حق فلان كذا وأحسنت إليه بكذا وكذا ثم إنه يقابلني بالشر والإساءة؟! على سبيل النفي والتبعيد، فكذا ههنا.
الوجه الثاني في الجواب أن نقول: إن هذه القصة من أولها إلى آخرها في حق آدم وحواء ولا إشكال في شئ من ألفاظها إلا قوله: " فلما آتاهما صالحا " جعلا له شركاء فيما آتاهما " فنقول: التقدير: فلما آتاهما ولدا " صالحا " سويا " جعلا له شركاء، أي جعل أولادهما له شركاء على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وكذا فيما آتاهما أولادهما ونظيره قوله: " واسئل القرية " أي واسأل أهل القرية.
فإن قيل: فعلى هذا التأويل ما الفائدة في التثنية في قوله: " جعلا له شركاء "؟ قلنا:
لأن ولده قسمان ذكر وأنثى فقوله: " جعلا " المراد الذكر والأنثى، مرة عبر عنهما