تأكلا منها أخرجكما الله من الجنة وحلف لهما أنه لهما ناصح، كما قال الله تعالى حكاية عنه:
" ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين " فقبل آدم قوله فأكلا من الشجرة وكان كما حكى الله " بدت لهما سوآتهما " وسقط عنهما ما ألبسهما الله تعالى من لباس الجنة، وأقبلا يستتران من ورق الجنة (1) " وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين " فقالا كما حكى الله عز وجل عنهما: " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " فقال الله لهما: " اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين " قال: إلى يوم القيامة.
قوله: " فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين " (2) قال: فهبط آدم على الصفا وإنما سميت الصفا لأن صفوة الله نزل عليها، ونزلت حواء على المروة وإنما سميت المروة لأن المرأة نزلت عليها، فبقي آدم أربعين صباحا " ساجدا " يبكي على الجنة، فنزل عليه جبرئيل عليه السلام فقال: يا آدم ألم يخلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته؟
قال: بلى، قال: وأمرك أن لا تأكل من الشجرة فلم عصيته؟ قال: يا جبرئيل إن إبليس حلف لي بالله إنه لي ناصح، وما ظننت أن خلقا " يخلقه الله يحلف بالله كاذبا ". (3) بيان: قوله عليه السلام: (لأنه خلق) إما تعليل لأنه وكله الله تعالى إلى نفسه حتى قصد الشجرة، أي كان خلق للدنيا لا للجنة، أو لقبول وسوسة الشيطان، أو للمرور جهالة إلى الشجرة حتى وسوس إليه الشيطان.
قوله تعالى: " إلا أن تكونا ملكين " قال الشيخ الطبرسي: والمعنى أنه أوهمهما أنهما إذا أكلا من هذه الشجرة تغيرت صورتهما إلى صورة الملك، وأن الله تعالى قد حكم بذلك وبأن لا تبيد حياتهما إذا أكلا منها، وروي عن يحيي بن أبي كثير أنه قرأ (ملكين)