بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١١ - الصفحة ١٥٠
معك، فقال لهم: فإن كنتم قد وطنتم أنفسكم على ما وطنت نفسي عليه (1) فاعلموا أن الله إنما يهب المنازل الشريفة لعباده باحتمال المكاره، وأن الله وإن كان خصني مع من مضى من أهلي الذين أنا آخرهم بقاء في الدنيا من الكرامات بما يسهل علي معها احتمال المكروهات فإن لكم شطر ذلك من كرامات الله تعالى، واعلموا أن الدنيا حلوها ومرها حلم، (2) والانتباه في الآخرة، والفائز من فاز فيها، والشقي من شقي فيها، أولا أحدثكم بأول أمرنا وأمركم معاشر أوليائنا ومحبينا والمتعصبين لنا ليسهل عليكم احتمال ما أنتم له مقرون؟ قالوا: بلى يا بن رسول الله قال: إن الله تعالى لما خلق آدم وسواه وعلمه أسماء كل شئ وعرضهم على الملائكة جعل محمدا " وعليا " وفاطمة والحسن والحسين أشباحا " خمسة في ظهر آدم، وكانت أنوارهم تضئ في الآفاق من السماوات والحجب والجنان والكرسي و العرش، فأمر الله الملائكة بالسجدة لآدم تعظيما " له إنه قد فضله بأن جعله وعاء لتلك الأشباح التي قد عم أنوارها في الآفاق، فسجدوا إلا إبليس أبى أن يتواضع لجلال عظمة الله وأن يتواضع لأنوارنا أهل البيت وقد تواضعت لها الملائكة كلها فاستكبر وترفع و كان بإبائه ذلك وتكبره من الكافرين.
قال علي بن الحسين صلوات الله عليهما: حدثني أبي، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: قال: يا عباد الله: إن آدم لما رأى النور ساطعا " من صلبه إذ كان الله قد نقل أشباحنا (3) من ذروة العرش إلى ظهره رأى النور ولم يتبين الأشباح، فقال: يا رب ما هذه الأنوار؟ قال الله عز وجل: أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك، و لذلك أمرت الملائكة بالسجود لك إذ كنت وعاء لتلك الأشباح، فقال آدم: يا رب لو

(1) وطن نفسه على الامر وللامر: هيأها لفعله وحملها عليه.
(2) الحلم. ما يراه النائم في نومه.
(3) قال الطريحي في مجمع البحرين: في الحديث: خلق الله محمدا وعترته أشباح نور بين يدي الله، قلت: وما الأشباح؟ قال: ظل النور، أبدان نورانية بل أرواح. فالأشباح جمع الشبح بالتحريك وقد يسكن وهو الشخص. وسئل الشيخ الجليل محمد بن النعمان ما معنى الأشباح؟
فأجاب: الصحيح من حديث الأشباح الرواية التي جاءت عن الثقات بأن آدم عليه السلام رأى على العرش أشباحا يلمع نورها، فسأل الله تعالى عنها فأوحى الله إليه: أنها أشباح رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام، وأعلمه لولا الأشباح التي رآها ما خلقه الله ولا خلق سماء ولا أرضا، ثم قال: والوجه فيما أظهره الله من الأشباح والصور لآدم عليه السلام أن دله على تعظيمهم وتقبيلهم وجعل ذلك اجلالا لهم ومقدمة لما يعرضه من طاعتهم ودليلا على أن مصالح الدين والدنيا لا تتم إلا بهم، ولم يكونوا في تلك الحال صورا مجسمة ولا أرواحا ناطقة ولكنما كانت على صورهم في البشرية تدل على ما يكونون عليه في المستقبل. ولقد روى أن آدم لما تاب إلى الله وناجاه بقبول توبته سأله بحقهم عليه ومحلهم عنده فأجابه، قال: وهذا غير منكر من القول ولا مضاد للشرع، وقد رواه الثقات الصالحون المأمونون وسلم لروايته طائفة الحق فلا طريق إلى إنكاره انتهى. قلت: والقول بكونهم عليهم السلام أرواحا ناطقة كما وردت عليه أخبار لا يكون أيضا منكرا من القول ولا مضادا للشرع والعقل.
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (كتاب النبوة) * * (الباب الأول) * معنى النبوة وعلة بعثة الأنبياء وبيان عددهم وأصنافهم وجمل أحوالهم وجوامعها (ع) والآيات فيه، وفيه: 70 - حديثا 1
3 سؤال الزنديق عن الصادق عليه السلام: من أين أثبت أنبياءا ورسلا؟ 29
4 عدد الأنبياء عليهم السلام 32
5 معنى اولي العزم 34
6 الرسول والنبي والمحدث وكيفية الوحي 54
7 * الباب الثاني * نقش خواتيمهم وأشغالهم وأمزجتهم وأحوالهم في حياتهم وبعد موتهم، وفيه: 29 - حديثا 62
8 أعمار بعض الأنبياء عليهم السلام 65
9 * الباب الثالث * علة المعجزة وأنه لم خص الله كل نبي بمعجزة خاصة، وفيه: حديثان 70
10 * الباب الرابع * عصمة الأنبياء، وتأويل ما يوهم خطأهم وسهوهم، وفيه: 16 - حديثا 72
11 * أبواب قصص آدم وحواء عليهما السلام وأولادهما * * الباب الأول * فضل آدم وحوا، وعلل تسميتهما، وبعض أحوالهما وبدء خلقهما، وسؤال الملائكة في ذلك، والآيات فيه، وفيه: 58 - حديثا 97
12 علة الطواف بالبيت؟ 110
13 بحث وبيان في عصمة الملائكة 124
14 طول قامة آدم عليه السلام 127
15 * الباب الثاني * سجود الملائكة ومعناه ومدة مكثه (ع) في الجنة وأنها أية جنة كانت، ومعنى تعليمه الأسماء، والآيات فيه، وفيه: 31 - حديثا 130
16 أيصلح السجود لغير الله؟ 138
17 جنة آدم عليه السلام هل كانت في الأرض أم في السماء؟ 143
18 هل كان إبليس من الملائكة أم لا؟ 144
19 * الباب الثالث * ارتكاب ترك الأولى ومعناه وكيفيته وكيفية قبول توبته والكلمات التي تلقاها من ربه، والآيات فيه، وفيه: 52 - حديثا 155
20 الشجرة التي أكل منها آدم وحواء 164
21 أيام البيض وسبب تسميتها 171
22 ملاقاة موسى عليه السلام مع آدم عليه السلام وسؤاله عنه 188
23 معنى: " وعصى آدم ربه "، وذنوبه الأنبياء عليهم السلام والأقوال فيه 198
24 * الباب الرابع * كيفية نزول آدم (ع) من الجنة وحزنه على فراقها وما جرى بينه وبين إبليس وفيه 31: حديثا 204
25 الحرث والزرع والغرس 215
26 * الباب الخامس * تزويج آدم وحواء وكيفية بدء النسل منهما وقصة هابيل وقابيل وسائر أولادهما وفيه: 44 - حديثا 218
27 كيفية تزويج أولاد آدم عليه السلام 223
28 * الباب السادس * تأويل قوله تعالى: جعلا له شركاء فيما آتاهما وفيه: 4 - أحاديث 249
29 في أولاد آدم عليه السلام وعددهم وأسمائهم، وتحقيق في هذا المقام 252
30 * الباب السابع * ما أوحى إلى آدم (ع) وفيه: 3 - أحاديث 257
31 * الباب الثامن * عمر آدم ووفاته ووصيته إلى شيث وقصصه (ع) وفيه: 19 - حديثا 258
32 قصة آدم وعمر داود عليهما السلام 258
33 كيفية قبض آدم وغسله ودفنه عليه السلام 267
34 بيان الاختلاف في عمر آدم عليه السلام 268
35 * الباب التاسع * قصص إدريس (ع) والآيات فيه، وفيه: 13 - حديثا 270
36 في أن مسجد السهلة كان بيت إدريس عليه السلام 280
37 * أبواب قصص نوح وهود وصالح عليهم السلام وقصة شداد * * الباب الأول * مدة عمره وولادته ووفاته وعلل تسميته ونقش خاتمه وجمل أحواله (ع) وفيه: 13 - حديثا 285
38 * الباب الثاني * مكارم أخلاقه وما جرى بينه وبين إبليس وأحوال أولاده وما أوحى اليه وصدر عنه من الحكم والأدعية وغيرها، وفيه: 9 - أحاديث 290
39 الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج وعلة الأبيض والأسود 291
40 * الباب الثالث * بعثة نوح (ع) على قومه وقصة الطوفان، والآيات فيه، وفيه: 82 - حديثا 294
41 معنى: إنه ليس من أهلك 313
42 علة تسمية النجف بالنجف 321
43 علة الحيض 326
44 * الباب الرابع * قصة هود (ع) وقومه عاد، والآيات فيه، وفيه: 27 - حديثا 343
45 الريح العقيم 353
46 مساكن قوم عاد 364
47 * الباب الخامس * قصة شداد وارم ذات العماد، وفيه: 3 - أحاديث 366
48 عبد الله بن قلابة ورؤيته مدينة إرم في زمن معاوية 367
49 * الباب السادس * قصة صالح (ع) وقومه: والآيات فيه، وفيه: 16 - حديثا 370
50 كيفية هلاك قوم صالح عليه السلام 377
51 عقر ناقة صالح عليه السلام بامرأتين 392