قال: ولم يميل القلب إلى الخضرة أكثر مما يميل إلى غيرها؟ قال: من قبل أن الله تعالى خلق القلب أخضر، ومن شأن الشئ أن يميل إلى شكله.
ويروى أنه لما جاء إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال له: ما اسمك؟ فلم يجبه، وأقبل (عليه السلام) على غيره، فانكفأ راجعا إلى أصحابه، فقالوا: ما وراءك؟ قال: شر ابتدأني، فسألني عن اسمي، فإن كنت قلت: عبد الكريم فيقول: من هذا الكريم الذي أنت عبده؟ فإما أقر بمليك، وإما أظهر مني ما أكتم، فقالوا: انصرف عنه، فلما انصرف قال (عليه السلام): وأقيل ابن أبي العوجاء إلى أصحابه محجوجا قد ظهر عليه ذلة الغلبة فقال من قال منهم: إن هذه للحجة الدامغة، صدق وإن لم يكن خير يرجى ولا شر يتقى فالناس شرع سواء، وإن يكن منقلب إلى ثواب وعقاب فقد هلكنا، فقال ابن أبي العوجاء لأصحابه: أوليس بابن الذي نكل بالخلق، (1) وأمر بالحلق، وشوه عوراتهم، وفرق أموالهم، وحرم نساءهم؟. (2) بيان: لعل الخضرة في القلب كناية عن كونه مأمورا بالعلم والحكمة ومحلا لأزهار المعرفة، وقد مر في كتاب التوحيد أن الخضرة صورة ومثال للمعرفة.
6 - تفسير علي بن إبراهيم: روي أنه لما سأل رجل من الزنادقة أبا جعفر الأحول فقال: أخبرني عن قول الله تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) وقال تعالى في آخر السورة: (ولن تستطيعوا أن تعلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل) فبين القولين فرق، فقال أبو جعفر الأحول: فلم يكن في ذلك عندي جواب، فقدمت المدينة فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فسألته عن الآيتين فقال: أما قوله: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) فإنما عنى في النفقة، وقوله:
(ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم) فإنما عنى في المودة، فإنه لا يقدر أحد أن يعدل بين امرأتين في المودة، فرجع أبو جعفر الأحول إلى الرجل فأخبره، فقال:
هذا حملته من الحجاز. (3)