قال: فلم كانت الكلية كحب اللوبيا؟ قال: لا أعلم. قال: فلم جعل طي الركبتين إلى خلف؟ قال لا أعلم. قال: فلم تخصرت القدم؟ قال: لا أعلم.
فقال الصادق (عليه السلام): لكني أعلم، قال: فأجب. قال الصادق (عليه السلام): كان في الرأس شؤون لان المجوف إذا كان بلا فصل أسرع إليه الصداع، فإذا جعل ذا فصول كان الصداع منه أبعد. وجعل الشعر من فوقه لتوصل بوصوله الادهان إلى الدماغ، و يخرج بأطرافه البخار منه، ويرد الحر والبرد الواردين عليه. وخلت الجبهة من الشعر لأنها مصب النور إلى العينين. وجعل فيها التخطيط والأسارير ليحتبس العرق الوارد من الرأس عن العين قدر ما يميطه (1) الانسان عن نفسه، كالأنهار في الأرض التي تحبس المياه. وجعل الحاجبان من فوق العينان ليراد عليهما (2) من النور قدر الكفاف، ألا ترى يا هندي أن من غلبه النور جعل يده على عينيه ليرد عليهما قدر كفايتهما منه؟
وجعل الانف فيما بينهما ليقسم النور قسمين إلى كل عين سواء. وكانت العين كاللوزة ليجري فيها الميل بالدواء ويخرج منها الداء، ولو كانت مربعة أو مدورة ما جرى فيها الميل، وما وصل إليها دواء، ولا خرج منها داء. وجعل ثقب الانف في أسفله لتنزل منه الأدواء المنحدرة من الدماغ، ويصعد فيه الأرابيح (3) إلى المشام، ولو كان في أعلاه لما انزل داء، ولا وجد رائحة. وجعل الشارب والشفة فوق الفم لحبس ما ينزل من الدماغ عن الفم لئلا يتنغص (4) على الانسان طعامه وشرابه فيميطه عن نفسه.
وجعلت اللحية للرجال ليستغني بها بها عن الكشف في المنظر ويعلم بها الذكر من الأنثى.
وجعل السن حاد الان به يقع العض. وجعل الضرس عريضا لان به يقع الطحن والمضغ. وكان الناب طويلا ليسند (5) الأضراس والأسنان كالأسطوانة في البناء.