بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٠ - الصفحة ١٩٧
قال السائل: فقد حددته إذ أثبت وجوده، قال أبو عبد الله (عليه السلام): لم أحدده ولكن أثبته، إذ لم يكن بين الاثبات والنفي منزلة.
قال السائل: فله إنية ومائية؟ قال: نعم لا يثبت الشئ إلا بإنية ومائية. (1) قال السائل: فله كيفية؟ (2) قال: لا، لان الكيفية جهة الصفة والإحاطة،

(1) قال المصنف في مرآة العقول 1: 60 قوله: (فله إنية ومائية) أي وجود منتزع وحقيقة ينتزع منها الوجود؟ فأجاب وقال: نعم لا يثبت الشئ أي لا يكون موجودا الا بإنية ومائية، أي مع وجود حقيقة ينتزع الوجود منها. وقال بعض المحققين: وينبغي أن يعلم أن الوجود يطلق على المنتزع المخلوط بالحقيقة العينية عينا وعلى مصحح الانتزاع، والمنتزع غير الحقيقة في كل موجود والمصحح في الأول تعالى حقيقة العينية وإن دلنا عليه غيره، والمصحح في غيره تعالى مغاير للحقيقة والمهية، فالمعنى الأول مشترك بين الموجودات كلها، والمعنى الثاني في الواجب عين الحقيقة الواجبة، والمراد هنا المعنى الأول لاشعار السؤال بالمغايرة وكذا الجواب، لقوله: (لا يثبت الشئ إلا بانية ومائية) حيث جعل الكل مشتركا فيه، والمشترك فيه انية مغايرة للمائية. وقال بعضهم:
قوله: (فله انية ومائية) أي إذا ثبت ان هذا المفهوم العام المشترك المتصور في الذهن خارج عن وجوده الخاص وذاته فاذن له انية مخصوصة ومائية غير مطلق الوجود هو بها هو، فقال (عليه السلام):
نعم لا يوجد الشئ الا بنحو خاص من الوجود والمائية، لا بمجرد الامر الأعم. واعلم أن للماهية معنيين: أحدهما ما بإزاء الوجود كما يقال: وجود الممكن زائد على ماهيته، والماهية بهذا المعنى مما يعرضه العموم والاشتراك، فليست له تعالى ماهية بهذا المعنى، وثانيهما ما به الشئ هو هو، وهذا يصح له.
(2) سأل ذلك لما رأى في الشاهد كل ماله انية ومائية فله كيفية، فأجاب بنفي الكيفية عنه تعالى بأنها صفة كمالية متقررة زائدة على ذات ما اتصف بها، والبارئ جل شانه مستغن بذاته عن كمال زائد، ووصف الكيفية بالإحاطة لأنها مما تغشى الذات الموصوفة بها كالبياض للجسم، والنور للأرض، والعلم للنفس، والظاهر أنه سأل عن الكيفيات الجسمانية، أو عن مطلق الصفات الزائدة، ولما نفى عليه السلام جهة الكيفية والصفة الزائدة عنه وعلم أن ههنا مزلة الاقدام قال:
لابد من الخروج من جهة التعطيل وهو نفى الصفات بالكلية والوقوع في طرف سلوب هذه الأوصاف الإلهية ونقائضها، ومن جهة التشبيه وهو جعل صفاتها كصفات المخلوقين، لان من نفى عنه معاني الصفات فقد أنكر وجود ذاته وعلمه وقدرته وارادته وسمعه وبصره، ورفع ربوبيته وكونه ربا ومبدعا صانعا قيوما الها خالقا رازقا، ومن شبهه بغيره بأن زعم أن وجوده كوجود غيره وعلمه كعلمهم وقدرته كقدرتهم فقد أثبته بصفة المخلوقين الذين لا يستحقون الربوبية، ولكن لا بد أن يثبت له علم لا يماثل شيئا من العلوم، وهكذا في سائر الصفات الوجودية، وهذا هو المراد بقوله: له كيفية لا يستحقها غيره، والا فليس شئ من صفاته من مقولة الكيف التي هي من الأجناس، حتى يلزم أن تكون صفته التي هي عين ذاته مركبة من جنس وفصل، فتكون ذاته مركبة كما قيل. وقال بعض المحققين في قوله: (لان الكيفية جهة الصفة والإحاطة): أي الكيفية حال الشئ باعتبار الاتصاف بالصفة والانحفاظ والتحصيل بها، لان الاتصاف فعلية من القوة، فهو بين الفعلية بالصفة الموجودة أو بعدمها، وهو في ذاته بين بين خال من الفعليتين، ففعلية وجوده وتحصله محفوظة بالكيفية، ولا بدله من مهية أخرى، فإذا هو مؤتلف مصنوع تعالى عن ذلك. قاله المصنف في مرآة العقول.
(١٩٧)
مفاتيح البحث: أبو عبد الله (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 احتجاجات أمير المؤ منين صلوات الله عليه على اليهود في أنواع كثيرة من العلوم ومسائل شتى، وفيه 13 حديثا. 1
3 باب 2 احتجاجه صلوات الله عليه على بعض اليهود بذكر معجزات النبي صلى الله عليه وآله، وفيه حديث واحد. 28
4 باب 3 احتجاجه صلوات الله عليه على النصارى، وفيه خمسة أحاديث. 52
5 باب 4 احتجاجه صلوات الله عليه على الطبيب اليوناني، وفيه حديث واحد 70
6 باب 5 أسؤلة الشامي عم أمير المؤمنين عليه السلام في مسجد الكوفة، وفيه حديث واحد. 75
7 باب 6 نوادر احتجاجاته صلوات الله عليه وبعض ما صدر عنه من جوامع العلوم، وفيه تسعة أحاديث. 83
8 باب 7 ما علمه صلوات الله عليه من أربعمائة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه، وفيه حديث واحد. 89
9 باب 8 ما تفضل صلوات الله عليه به على الناس بقوله: سلوني قبل أن تفقدوني، وفيه سبعة أحاديث. 117
10 باب 9 مناظرات الحسنين - صلوات الله عليهما - واحتجاجاتهما، وفيه خمسة أحاديث. 129
11 باب 10 مناظرات علي بن الحسين - عليهما السلام - واحتجاجاته، وفيه ثلاثة أحاديث. 145
12 باب 11 في احتجاج أهل زمانه على المخالفين، وفيه حديث واحد. 147
13 باب 12 مناظرات محمد بن علي الباقر واحتجاجاته عليه السلام، وفيه 14 حديثا. 149
14 باب 13 احتجاجات الصادق صلوات الله عليه على الزنادقة والمخالفين ومناظراته معهم، وفيه 23 حديثا. 163
15 باب 14 ما بين عليه السلام من المسائل في أصول الدين وفروعه برواية الأعمش، وفيه حديث واحد. 222
16 باب 15 احتجاجات أصحابه عليه السلام على المخالفين، وفيه ثلاثة أحاديث. 230
17 باب 16 احتجاجات موسى بن جعفر عليه السلام على أرباب الملل والخلفاء وبعض ما روي عنه من جوامع العلوم، وفيه 17 حديثا. 234
18 باب 17 ما وصل إلينا من أخبار علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام بغير رواية الحميري، وفيه حديث واحد. 249
19 باب 18 احتجاجات أصحابه عليه السالام على المخالفين، وفيه ستة أحاديث 292
20 باب 19 مناظرات علي بن موسى الرضا صلوات الله عليه، واحتجاجه على أرباب الملل المختلفة والأديان المتشتة في مجلس المأمون وغيره،. فيه 13 حديثا 299
21 باب 20 ما كتبه صلوات الله عليه للمأمون من محض الإسلام وشرائع الدين، وسائر ما روي عنه عليه السلام من جوامع العلوم، وفيه 24 حديثا. 352
22 باب 21 مناظرات أصحابه وأهل زمانه صلوات الله عليه، وفيه عشرة أحاديث. 370
23 باب 22 احتجاجات أبي جعفر الجواد ومناظراته صلوات الله عليه، وفيه حديثان. 381
24 باب 23 احتجاجات أبي الحسن علي بن محمد النقي صلوات الله عليه، وفيه أربعة أحاديث. 386
25 باب 24 اجتجاجات أبي محمد الحسن بن علي العسكري صلوات الله عليه، وفيه حديث واحد. 392
26 باب 25 فيما بين الصدوق رحمه الله من مذهب الإمامية وأملى على المشائخ في مجلس واحد. 393
27 باب 26 نوادر الاحتجاجات والمناظرات الواردة عن علمائنا الإمامية رضوان الله تعالى عليهم. 406