بذلك السبب، وماله من السلطنة على ولده إلا الوسوسة والدعاء إلى غير السبيل، وقد أقر مع معصيته لربه بربوبيته.
قال: أفيصلح السجود لغير الله؟ قال: لا قال: فكيف أمر الله الملائكة بالسجود لآدم؟ قال: إن من سجد بأمر الله فقد سجد لله، فكان سجوده لله إذا كان عن أمر الله.
قال: فمن أين أصل الكهانة؟ ومن أين يخبر الناس بما يحدث؟ قال: إن الكهانة كانت في الجاهلية في كل حين فترة من الرسل، كان الكاهن بمنزلة الحاكم يحتكمون إليه فيما يشتبه عليهم من الأمور بينهم فيخبرهم بأشياء تحدث وذلك في وجوه شتى: من فراسة العين، وذكاء القلب، ووسوسة النفس، وفطنة الروح مع قذف في قلبه، لان ما يحدث في الأرض من الحوادث الظاهرة فذلك يعلم الشيطان ويؤديه إلى الكاهن ويخبره بما يحدث في المنازل والأطراف، وأما أخبار السماء فإن الشياطين كانت تقعد مقاعد استراق السمع إذ ذاك وهي لا تحجب ولا ترجم بالنجوم، وإنما منعت من استراق السمع لئلا يقع في الأرض سبب يشاكل الوحي من خبر السماء ولبس على أهل الأرض (1) ما جاءهم عن الله لاثبات الحجة ونفي الشبه، وكان الشيطان يسترق الكلمة الواحدة من خبر السماء بما يحدث من الله في خلقه فيختطفها ثم يهبط بها إلى الأرض فيقذفها إلى الكاهن، فإذا قد زاد من كلمات عنده فيختلط الحق بالباطل، فما أصاب الكاهن من خبر مما كان يخبر به فهو ما أداه إليه شيطانه مما سمعه، وما أخطأ فيه فهو من باطل ما زاد فيه، فمذ منعت الشياطين عن استراق السمع انقطعت الكهانة، واليوم إنما تؤدي الشياطين إلى كهانها أخبارا للناس مما يتحدثون به وما يحدثونه، والشياطين تؤدي إلى الشياطين ما يحدث في البعد من الحوادث من سارق سرق، وقاتل قتل، وغائب غاب، وهم بمنزلة الناس أيضا صدوق وكذوب فقال: كيف صعدت الشياطين إلى السماء وهم أمثال الناس في الخلقة والكثافة، وقد كانوا يبنون لسليمان بن داود من البناء ما يعجز عنه ولد آدم؟ قال غلظوا لسليمان