يباشروه ويحاجهم ويحاجوه ثبت أن له سفراء في خلقه وعباده يدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم، فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه، وثبت عند ذلك أن له معبرين وهم الأنبياء وصفوته من خلقه، حكماء مؤدبين (1) بالحكمة، مبعوثين عنه، مشاركين للناس في أحوالهم على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب، مؤدين من عند الحكيم العليم بالحكمة (2) والدلائل والبراهين والشواهد: من إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، فلا تخلو الأرض من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقال الرسول ووجوب عدالته.
ثم قال (عليه السلام) بعد ذلك: نحن نزعم أن الأرض لا تخلو من حجة، ولا تكون الحجة إلا من عقب الأنبياء، ما بعث الله نبيا قط من غير نسل الأنبياء، وذلك أن الله تعالى شرع لبني آدم طريقا منيرا، وأخرج من آدم نسلا طاهرا طيباء، أخرج منه الأنبياء والرسل، هم صفوة الله، وخلص الجوهر، طهروا في الأصلاب، وحفظوا في الأرحام، لم يصبهم سفاح الجاهلية ولا شاب أنسابهم، (3) لان الله عز وجل جعلهم في موضع لا يكون أعلى درجة وشرفا منه فمن كان خازن علم الله وأمين غيبه ومستودع سره وحجته على خلقه وترجمانه ولسانه لا يكون إلا بهذه الصفة، فالحجة لا يكون إلا من نسلهم يقوم مقام النبي في الخلق بالعلم الذي عنده وورثه عن الرسول، إن جحده الناس سكت، وكان بقاء ما عليه الناس قليلا مما في أيديهم من علم الرسول على اختلاف منهم فيه، قد أقاموا بينهم الرأي والقياس، إن هم أقروا به (4) وأطاعوه وأخذوا عنه ظهر العدل، وذهب الاختلاف والتشاجر، واستوى الامر، وأبان الدين، وغلب على الشك اليقين، ولا يكاد أن يقر الناس به أو يحقوا له (5) بعد فقد الرسول، وما مضى رسول و