الله عز وجل له الصم الصخور الصلاب وجعلها غارا، ولقد غارت الصخرة تحت يده ببيت المقدس لينة حتى صارت كهيئة العجين، قد رأينا ذلك والتمسناه تحت رايته قال له اليهودي: فإن هذا داود بكى على خطيئته حتى سارت الجبال معه لخوفه. قال له علي (عليه السلام) لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من هذا، إنه كان إذا قام إلى الصلاة سمع لصدره وجوفه أزيز كأزيز المرجل على الأثافي من شدة البكاء وقد أمنه الله عز وجل من عقابه، فأراد أن يتخشع لربه ببكائه، ويكون إماما لمن اقتدى به ولقد قام عليه وآله السلام عشر سنين على أصراف أصابعة حتى تورمت قدماه واصفر وجهه، يقوم الليل أجمع حتى عوتب في ذلك فقال الله عز وجل (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) بل لتسعد به، ولقد كان يبكي حتى يغشى عليه، فقيل له: يا رسول الله أليس الله عز وجل قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟
قال: بلى أفلا أكون عبدا شكورا؟ ولئن سارت الجبال وسبحت معه لقد عمل محمد (صلى الله عليه وآله) ما هو أفضل من هذا إذ كنا معه على جبل حراء إذ تحرك الجبل فقال له: قر فليس عليك إلا نبي وصديق شهيد، فقر الجبل مجيبا لامره ومنتهيا إلى طاعته، ولقد مررنا معه بجبل وإذا الدموع تخرج من بعضه فقال له النبي صلى الله عليه وآله: ما يبكيك يا جبل فقال: يا رسول الله كان المسيح مربي وهو يخوف الناس بنار (1) وقودها الناس والحجارة فأنا أخاف أن أكون من تلك الحجارة، قال له: لا تخف تلك حجارة الكبريت، فقر الجبل وسكن وهدأ، وأجاب لقوله (صلى الله عليه وآله) قال له اليهودي: فإن هذا سليمان، أعطي ملكا لا ينبغي لاحد من بعده فقال له علي (عليه السلام) لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من هذا، إنه هبط إليه ملك لم يهبط إلى الأرض قبله وهو ميكائيل؟ فقال له: يا محمد عش ملكا منعما، وهذه مفاتيح خزائن الأرض معك، وتسير معك جبالها ذهبا وفضة، لا ينقص لك فيما ادخر لكفي الآخرة شئ، فأومأ إلى جبرئيل (عليه السلام) وكان خليله من الملائكة - فأشار إليه: أن تواضع فقال: بل أعيش نبيا عبدا، آكل يوما ولا آكل