وصاح الورثاني وأعلى صوته بالصياح يقول: الصحابة أجل قدرا من أن يكونوا من أهل النفاق ولا سيما الصديق والفاروق! وأخذ في كلام نحو هذا من كلام السوقة والعامة وأهل الشغب (١) والفتن.
فقال له الشيخ أيده الله: دع عنك الضجيج وتخلص مما أوردته عليك من البرهان واحتل لنفسك وللقوم، فقد بان الحق وزهق الباطل بأهون سعي، والحمد لله رب العالمين. (٢) ٧ - ومن كلام الشيخ أدام الله تأييده أيضا: سأله بعض أصحابه فقال له: إن المعتزلة والحشوية يدعون أن جلوس أبي بكر وعمر مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في العريش كان أفضل من جهاد أمير المؤمنين (عليه السلام) بالسيف، لأنهما كانا مع النبي (صلى الله عليه وآله) في مستقره يدبران الامر معه (صلى الله عليه وآله)، ولولا أنهما أفضل الخلق عنده ما اختصهما بالجلوس معه، (٣) فبأي شئ تدفع هذا؟.
فقال له الشيخ: سبيل هذا القول أن يعكس وهذه القضية أن تقلب، وذلك أن النبي (صلى الله عليه وآله) لو علم أنهما لو كانا من جملة المجاهدين بأنفسهما يبارزان الاقران ويقتلان الابطال ويحصل لهما جهاد يستحقان به الثواب لما حال بينهما وبين هذه المنزلة التي هي أجل وأشرف وأعلى وأسنى من القعود على كل حال بنص الكتاب، حيث يقول الله سبحانه. ﴿لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير اولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما﴾ (4) فلما رأينا الرسول (صلى الله عليه وآله) قد منعهما هذه الفضيلة وأجلسهما معه علمنا أن ذلك لعلمه بأنهما لو تعرضا للقتال أو عرضا له لأفسدا، إما بأن ينهزما، أو يوليا الدبر كما صنعا يوم أحد وخيبر وحنين، وكان يكون في ذلك عظيم الضرر على المسلمين، ولا يؤمن وقوع الوهن