عليك قولك ودعواك، يا عمران أليس ينبغي أن تعلم أن الواحد ليس يوصف بضمير وليس يقال له أكثر من فعل وعمل وصنع؟ وليس يتوهم مته مذاهب وتجربة كمذاهب المخلوقين وتجربتهم؟ (1) فاعقل ذلك وابن عليه ما علمت صوابا. (2) قال عمران: يا سيدي ألا تخبرني عن حدود خلقه كيف هي؟ وما معانيها؟ وعلى كم نوع تكون؟ قال: قد سألت فافهم، إن حدود خلقه على ستة أنواع: ملموس و موزون ومنظور إليه ومالا ذوق له (3) وهو الروح، ومنها منظور إليه وليس له وزن ولا لمس ولا حس ولا لون ولا ذوق والتقدير والاعراض والصور والطول والعرض، و منها العمل والحركات التي تصنع الأشياء وتعملها (4) وتغيرها من حال إلى حال و تزيدها وتنقصها، فأما الاعمال والحركات فإنها تنطلق لأنه لا وقت لها أكثر من قدر ما يحتاج إليه، فإذا فرغ من الشئ انطلق بالحركة وبقي الأثر، ويجري مجرى الكلام الذي يذهب ويبقى أثره.
قال له عمران: يا سيدي ألا تخبرني عن الخالق إذا كان واحدا لا شئ غيره ولا شئ معه أليس قد تغير بخلقه الخلق؟ قال له الرضا (عليه السلام): لم يتغير عز وجل بخلق الخلق، (5) ولكن الخلق يتغير بتغييره. قال عمران: فبأي شئ عرفناه؟ قال: بغيره.
قال: فأي شئ غيره؟ قال الرضا (عليه السلام): مشيته واسمه وصفته وما أشبه ذلك، وكل ذلك محدث مخلوق مدبر، (6) قال عمران: يا سيدي فأي شئ هو؟ قال: هو نور بمعنى أنه هاد لخلقه من أهل السماء وأهل الأرض، وليس لك علي أكثر من توحيدي إياه.
قال عمران: يا سيدي أليس قد كان ساكتا قبل الخلق لا ينطق ثم نطق؟ قال الرضا (عليه السلام): لا يكون السكوت إلا عن نطق قبله. والمثل في ذلك أنه لا يقال للسراج: