ثم قال أخبرني عن قول الله تعالى: (وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين) أي موضع هو؟ قال: هو ما بين مكة والمدينة، قال (عليه السلام): نشدتكم بالله هل تسيرون بين مكة والمدينة لا تأمنون على دمائكم من القتل، وعلى أموالكم من السرق؟
ثم قال: وأخبرني عن قول الله تعالى: (ومن دخله كان آمنا) أي موضع هو؟ قال:
ذاك بيت الله الحرام، فقال: نشدتكم بالله هل تعلمون أن عبد الله بن الزبير وسعيد بن جبير دخلاه فلم يأمنا القتل؟ قال: فاعفني يا ابن رسول الله، قال: فأنت الذي تقول: سأنزل مثل ما أنزل الله، قال: أعوذ بالله من هذا القول، قال: إذا سئلت فما تصنع؟ قال: أجيب عن الكتاب، أو السنة، أو الاجتهاد، قال: إذا اجتهدت من رأيك وجب على المسلمين قبوله؟ قال: نعم، قال: وكذلك وجب قبول ما أنزل الله تعالى، فكأنك قلت: سأنزل مثل ما أنزل الله تعالى.
14 - وفي حديث محمد بن مسلم أن الصادق (عليه السلام) قال لأبي حنيفة: أخبرني عن هاتين النكتتين اللتين في يدي حمارك، ليس ينبت عليهما شعر؟ قال أبو حنيفة: خلق كخلق اذنيك في جسدك وعينيك. فقال له: ترى هذا قياسا، إن الله تعالى خلق اذني لاسمع بهما، وخلق عيني لأبصر بهما، فهذا لما خلقه في جميع الدواب وما ينتفع به؟ فانصرف أبو حنيفة معتبا. (1) فقلت: أخبرني ما هي؟ قال: إن الله تعالى يقول في كتابه: (لقد خلقنا الانسان في كبد) يعني منتصبا في بطن أمه، غذاؤه من غذائها مما تأكل وتشرب أمه، ههنا ميثاقه بين عينيه، فإذا أذن الله عز وجل في ولادته أتاه ملك يقال له حيوان، فزجره زجرة انقلب ونسي الميثاق، وخلق جميع البهائم في بطون أمهاتهن منكوسة مؤخرة إلى مقدم أمه، كما يأخذ الانسان في بطن أمه، فهاتان النكتتان السوداوان اللتان ترى ما بين الدواب هو موضع عيونها (2) في بطن أمهاتها، فليس ينبت عليه الشعر، وهو لجميع البهائم ما خلا البعير، فإن عنق البعير طال فتقدم رأسه بين يديه ورجليه. (3)