هرولة البعير إذا نفر؟ من فكر في هذا وقدر علم أنه فعل غير حكيم ولا ذي نظر، فقل فإنك رأس هذا الامر وسنامه، وأبوك اسه ونظامه.
فقال له الصادق (عليه السلام): إن من أضله الله وأعمى قلبه استوخم الحق ولم يستعذبه، وصار الشيطان وليه وربه، ويورده موارد الهلكة (1) ولا يصدره، وهذا بيت استعبد الله به خلقه ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثهم على تعظيمه وزيارته، وجعله قبلة للمصلين له، فهو شعبة من رضوانه، وطريق يؤدي إلى غفرانه، منصوب على استواء الكمال، ومجمع العظمة والجلال، خلقه الله تعالى قبل دحو الأرض بألفي عام، فأحق من أطيع فيما أمر وانتهى عما زجر الله المنشئ للأرواح والصور.
فقال له ابن أبي العوجاء: ذكرت أبا عبد الله فأحلت على غائب. فقال الصادق (عليه السلام):
كيف يكون يا ويلك غائبا من هو مع خلقه شاهد، وإليهم أقرب من حبل الوريد، يسمع كلامهم، ويعلم أسرارهم، لا يخلو منه مكان، ولا يشغل به مكان، ولا يكون من مكان أقرب من مكان، يشهد له بذلك آثاره، ويدل عليه أفعاله، والذي بعثه بالآيات بالمحكمة والبراهين الواضحة محمد (صلى الله عليه وآله) جاءنا بهذه العبادة فإن شككت في شئ من أمره فسل عنه أوضحه لك.
قال: فأبلس ابن أبي العوجاء ولم يدر ما يقول، وانصرف من بين يديه، فقال لأصحابه: سألتكم أن تلتمسوا لي جمرة فألقيتموني على جمرة. (2) فقالوا له: اسكت فوالله لقد فضحتنا بحيرتك وانقطاعك، وما رأينا أحقر منك اليوم في مجلسه.
فقال: أبي تقولون هذا؟ إنه ابن من حلق رؤوس من ترون - وأومأ بيده إلى أهل الموسم -. (3)