جارحة، وبصير بغير آلة، بل يسمع بنفسه، ويبصر بنفسه، ليس قولي: إنه يسمع بنفسه ويبصر بنفسه (1) أنه شئ والنفس شئ آخر، ولكن أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسؤولا، وإفهاما لك إذ كنت سائلا، وأقول: يسمع بكله، (2) لا أن الكل منه له بعض، ولكني أردت إفهامك والتعبير عن نفسي، وليس مرجعي في ذلك إلا إلى أنه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف المعنى.
قال السائل: فما هو؟ قال أبو عبد الله (عليه السلام): هو الرب، وهو المعبود، وهو الله، وليس قولي: (الله) إثبات هذه الحروف: ألف، لام، لاه ولكني أرجع إلى معنى هو شئ خالق الأشياء وصانعها، وقعت عليه هذه الحروف، وهو المعنى الذي يسمى به الله والرحمن والرحيم والعزيز وأشباه ذلك من أسمائه، وهو المعبود عز وجل قال السائل: فإنا لم نجد موهوما إلا مخلوقا. قال أبو عبد الله (عليه السلام): لو كان ذلك كما تقول لكان التوحيد عنا مرتفعا، لأنا نكلف أن نعتقد غير موهوم، ولكنا نقول: كل موهوم بالحواس مدرك فما تحده الحواس (3) وتمثله فهو مخلوق، ولابد من إثبات صانع للأشياء خارج من الجهتين المذمومتين: إحداهما النفي إذ كان النفي هو الابطال والعدم، والجهة الثانية التشبيه من صفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف، (4) فلم يكن بد من إثبات الصانع لوجود المصنوعين، والاضطرار منهم إليه ثبت (5) أنهم مصنوعون، وأن صانعهم غيرهم وليس مثلهم إذ كان مثلهم شبيها بهم في ظاهر التركيب والتأليف وفيما يجري عليهم من حدوثهم بعد أن لم يكونوا، وتنقلهم من صغر إلى كبر وسواد إلى بياض وقوة إلى ضعف وأحوال موجودة لا حاجة بنا إلى تفسيرها لثباتها ووجودها.