بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٨٨
يخافون أن يحشروا إلى ربهم " يريد: المؤمنين يخافون القيامة وأهوالها، وقيل: معناه:
يعلمون، وقال الصادق عليه السلام: أنذر بالقرآن من يرجون الوصول إلى ربهم برغبتهم فيما عنده، فإن القرآن شافع مشفع. (1) وفي قوله: " ما تستعجلون به " قيل: معناه: الذي تطلبونه من العذاب كأن يقولون: يا محمد ائتنا بالذي تعدنا، وقيل: هي الآيات التي اقترحوها عليه استعجلوه بها، فأعلم الله سبحانه أن ذلك عنده. (2) وفي قوله: " من فوقكم " قيل: عنى به الصيحة والحجارة والطوفان والريح " أو من تحت أرجلكم " عنى به الخسف، وقيل: " من فوقكم " أي من قبل كباركم " أو من تحت أرجلكم " من سفلتكم، وقيل: " من فوقكم " السلاطين الظلمة " ومن تحت أرجلكم " العبيد السوء ومن لا خير فيه وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام " أو يلبسكم شيعا " أي يخلطكم فرقا مختلفي الأهواء لا تكونون شيعة واحدة، وقيل:
هو أن يكلهم إلى أنفسهم ويخليهم من ألطافه بذنوبهم السالفة، وقيل: عنى به: يضرب بعضهم ببعض بما يلقيه بينهم من العداوة والعصبية وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام " ويذيق بعضكم بأس بعض " أي قتال بعض وحرب بعض، وقيل: هو سوء الجوار، عن أبي عبد الله عليه السلام.
وفي تفسير الكلبي: أنه لما نزلت هذه الآية قام النبي صلى الله عليه وآله فتوضأ، وأسبغ وضوءه، ثم قام وصلى فأحسن صلاته، ثم سأل الله سبحانه أن لا يبعث على أمته عذابا من فوقهم ولا من تحت أرجلهم ولا يلبسهم شيعا ولا يذيق بعضهم بأس بعض، فنزل جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد إن الله تعالى سمع مقالتك، وأنه قد أجارهم من خصلتين، ولم يجرهم من خصلتين: أجارهم من أن يبعث عليهم عذابا من فوقهم أو من تحت أرجلهم، ولم يجرهم من الخصلتين الأخريين، فقال صلى الله عليه وآله: يا جبرئيل فما بقاء أمتي مع قتل بعضهم بعضا؟ فقام وعاد إلى الدعاء فنزل " ألم أحسب الناس " الآيتين (3) فقال: لا بد من فتنة تبتلي بها الأمة بعد نبيها ليتبين الصادق من الكاذب، لان الوحي انقطع، و بقي السيف وافتراق الكلمة إلى يوم القيامة.

(١) مجمع البيان ٤: ٣٠٤. (٢) مجمع البيان ٤: ٣١٠.
(٣) العنكبوت: ١ - 2.
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست