بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٢٧٦
لو فعله على نبوته، فما هو إلا كقولك: لن نؤمن لك حتى تقوم وتمشي على الأرض، أو حتى تأكل الطعام كما يأكل الناس.
وأما قولك يا عبد الله: أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتأكل منها وتطعمنا وتفجر الأنهار خلالها تفجيرا، أوليس لأصحابك ولك جنات من نخيل وعنب بالطائف تأكلون وتطعمون منها، وتفجرون الأنهار خلالها تفجيرا؟ أفصرتم أنبياء بهذا؟ قال:
لا، قال: فما بال اقتراحكم (1) على رسول الله صلى الله عليه وآله أشياء لو كانت كما تقترحون لما دلت على صدقه، بل لو تعاطاها لدل تعاطيها على كذبه، لأنه حينئذ يحتج بما لا حجة فيه، ويختدع الضعفاء عن عقولهم وأديانهم، ورسول رب العالمين يجل ويرتفع عن هذا.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عبد الله وأما قولك: أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا فإنك قلت: " وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم " فإن في سقوط السماء عليكم هلاككم وموتكم، فإنما تريد بهذا من رسول الله صلى الله عليه وآله أن يهلكك، ورسول رب العالمين أرحم بك من ذلك، لا يهلكك ولكنه يقيم عليك حجج الله، وليس حجج الله لنبيه على حسب اقتراح عباده لان العباد جهال بما يجوز من الصلاح وبما لا يجوز من (منه خ ل) الفساد، وقد يختلف اقتراحهم ويتضاد حتى يستحيل وقوعه، والله لا يجري تدبيره على ما يلزم به المحال. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: وهل رأيت يا عبد الله طبيبا كان دواؤه للمرضى على حسب اقتراحاتهم؟ وإنما يفعل به ما يعلم صلاحه فيه، أحبه العليل أو كرهه، فأنتم المرضى والله طبيبكم، فإن أنفذتم لدوائه شفاكم، وإن تمردتم عليه أسقمكم، (2) وبعد فمتى رأيت يا عبد الله مدعي حق من قبل رجل أوجب عليه حاكم من حكامهم فيما مضى بينة على دعواه على حسب اقتراح المدعى عليه؟ إذا ما كان يثبت لاحد على أحد دعوى ولاحق، ولا كان بين ظالم ومظلوم ولا بين صادق وكاذب فرق.
ثم قال: يا عبد الله وأما قولك: أو تأتي بالله والملائكة قبيلا يقابلوننا، ونعاينهم

(1) اقترح عليه كذا أو بكذا: تحكم وسأله إياه بالعنف ومن غير روية.
(2) في التفسير ونسخة من الكتاب: وان تمردتم اشقاكم.
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست