بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٢٧٧
فإن هذا من المحال الذي لا خفاء به، لان ربنا عز وجل ليس كالمخلوقين يجئ و يذهب ويتحرك ويقابل شيئا حتى يؤتى به، فقد سألتموه بهذا المحال، وإنما هذا الذي دعوت إليه صفة أصنامكم الضعيفة المنقوصة التي لا تسمع ولا تبصر ولا تعلم ولا تغني عنكم شيئا ولا عن أحد، يا عبد الله أوليس لك ضياع وجنات بالطائف وعقار بمكة وقوام عليها؟ قال: بلى، قال: أفتشاهد جميع أحوالها بنفسك أو بسفراء بينك وبين معامليك؟ قال بسفراء، قال: أرأيت لو قال معاملوك واكرتك وخدمك لسفرائك: لا نصدقكم في هذه السفارة إلا أن تأتونا بعبد الله بن أبي أمية لنشاهده فنسمع ما تقولون عنه شفاها كنت تسوغهم هذا، أو كان يجوز لهم عندك ذلك؟ قال: لا، قال: فما الذي يجب على سفرائك؟ أليس أن يأتوهم عنك بعلامة صحيحة تدلهم على صدقهم يجب عليهم أن يصدقوهم؟ قال: بلى، قال: يا عبد الله أرأيت سفيرك لو أنه لما سمع منهم هذا عاد إليك وقال: قم معي فإنهم قد اقترحوا علي مجيئك معي أليس يكون لك مخالفا؟ وتقول له: إنما أنت رسول لا مشير وآمر؟ قال: بلى، قال: فكيف صرت تقترح على رسول رب العالمين ما لا تسوغ على أكرتك ومعامليك أن يقترحوه على رسولك إليهم؟ وكيف أردت من رسول رب العالمين أن يستذم على ربه (1) بأن يأمر عليه وينهى وأنت لا تسوغ مثل هذا على رسولك إلى أكرتك وقوامك؟ هذه حجة قاطعة لابطال جميع ما ذكرته في كل ما اقترحته يا عبد الله.
وأما قولك يا عبد الله: أو يكون لك بيت من زخرف - وهو الذهب - أما بلغك أن لعظيم مصر (2) بيوتا من زخرف؟ قال: بلى، قال: أفصار بذلك نبيا؟ قال: لا، فال: فكذلك لا توجب لمحمد لو كانت له نبوة (3) ومحمد لا يغتنم جهلك بحجج الله.
وأما قولك يا عبد الله: أو ترقى في السماء، ثم قلت: ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه، يا عبد الله الصعود إلى السماء أصعب من النزول عنها، وإذا

(1) في التفسير: أن يستقدم (يتقدم خ ل) إلى ربه.
(2) في التفسير: لعزيز (لعظيم خ ل) مصر.
(3) في الاحتجاج: فكذلك لا يوجب لمحمد نبوة لو كان له بيوت.
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»
الفهرست