بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٢١٦
" والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشئ إلا كباسط كفيه إلى الماء " الآية.
قوله: " ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال " قال: بالعشي، قال: ظل المؤمن يسجد طوعا، وظل الكافر يسجد كرها، وهو نموهم وحركتهم وزيادتهم ونقصانهم.
وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " ولله يسجد من في السماوات والأرض " الآية، قال: أما من يسجد من أهل السماوات طوعا فالملائكة يسجدون طوعا، ومن يسجد من أهل الأرض فمن ولد في الاسلام فهو يسجد له طوعا، وأما من يسجد له كرها فمن جبر على الاسلام، وأما من لم يسجد فظله يسجد له بالغداة والعشي.
وقوله: " هل يستوي الأعمى والبصير " يعني المؤمن والكافر " أم هل تستوي الظلمات والنور " أما الظلمات فالكفر، وأما النور فهو الايمان. وقوله: " أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها " يقول: الكبير على قدر كبره، والصغير على قدر صغره. قوله: " الله أنزل من السماء ماء " يقول: أنزل الحق من السماء فاحتملته القلوب بأهوائها: ذو اليقين على قدر يقينه، وذو الشك على قدر شكه، فاحتمل الهوى باطلا كثيرا وجفاء، فالماء هو الحق، والأودية هي القلوب، والسيل هو الهوى، والزبد هو الباطل، والحلية والمتاع هو الحق، قال الله: " كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض " فالزبد وخبث الحلية هو الباطل، والمتاع والحلية هو الحق، من أصاب الزبد وخبث الحلية في الدنيا لم ينتفع به، وكذلك صاحب الباطل يوم القيامة لا ينتفع به، وأما الحلية والمتاع فهو الحق من أصاب الحلية والمتاع في الدنيا انتفع به، وكذلك صاحب الحق يوم القيامة ينفعه " كذلك يضرب الله الأمثال ".
قوله: " زبدا رابيا " أي مرتفعا " ومما توقدون عليه في النار ابتغاء حلية " يعني ما يخرج من الماء من الجواهر وهو مثل، أي يثبت الحق في قلوب المؤمنين، وفي قلوب الكفار لا يثبت " فأما الزبد فيذهب جفاء " يعني يبطل " وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض " وهذا مثل المؤمنين والمشركين فقال الله عز وجل: " كذلك يضرب الله الأمثال
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست