" ماذا قال آنفا " أي أي شئ قال الساعة، وإنما قالوا استهزاء وإظهارا أنا لم نشتغل بوعيه وفهمه، (1) وقيل: إنما قالوا ذلك لأنهم لم يفهموا معناه ولم يعلموا ما سمعوه، وقيل: بل قالوا ذلك تحقيرا لقوله صلى الله عليه وآله: أي لم يقل شيئا فيه فائدة، ويحتمل أيضا أن يكونوا سألوا رياء ونفاقا، أي لم يذهب عني من قوله إلا هذا، فماذا قال؟ أعده علي لأحفظه. (2) وفي قوله: " وتعزروه " أي تنصروه بالسيف واللسان " إن الذين يبايعونك " المراد بيعة الحديبية وهي بيعة الرضوان. (3) وفي قوله: " لعنتم " أي لوقعتم في عنت وهو الاثم والهلاك. (4) " قالت الاعراب آمنا " هم قوم من بني أسد أتوا النبي صلى الله عليه وآله في سنة جدبة وأظهروا الاسلام ولم يكونوا مؤمنين في السر، إنما كانوا يطلبون الصدقة، فأمره الله سبحانه أن يخبرهم بذلك ليكون آية معجزة له فقال: " قل لم تؤمنوا " أي لم تصدقوا على الحقيقة في الباطن " ولكن قولوا أسلمنا " أي استسلمنا مخافة السبي والقتل " لا يلتكم من أعمالكم " أي لا ينقصكم من ثواب أعمالكم " شيئا " قالوا: فلما نزلت الآيتان أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله يحلفون أنهم مؤمنون صادقون في دعواهم الايمان، فأنزل الله سبحانه: " قل أتعلمون الله بدينكم " أي أتخبرون الله بالدين الذي أنتم عليه، والمعنى أنه سبحانه عالم بذلك فلا يحتاج إلى إخباركم به، وكان هؤلاء يقولون: آمنا بك من غير قتال وقاتلك بنو فلان، فقال سبحانه: " يمنون عليك أن أسلموا " أي بأن أسلموا. (5) وقال البيضاوي في قوله تعالى: " وكم أهلكنا قبلهم ": قبل قومك " من قرن هم أشد منهم بطشا " أي قوة كعاد وثمود " فنقبوا في البلاد " فخرقوا في البلاد و تصرفوا فيها، أو جالوا في الأرض كل مجال حذر الموت، وأصل التنقيب التنقير عن الشئ والبحث عنه " هل من محيص " أي لهم من الله، أو من الموت، وقيل: الضمير في " نقبوا "
(١٥٥)