واقعا، ويمتازون عن المجرمين، ويحشرون إلى الرحمن وفدا، وأما في الدنيا فكثيرا ما يشبه غيرهم بهم.
يا هشام قلة المنطق حكم عظيم فعليكم بالصمت فإنه دعة حسنة، وقلة وزر وخفة من الذنوب، فحصنوا باب الحلم فإن بابه الصبر، وإن الله عز وجل يبغض الضحاك من غير عجب. والمشاء إلى غير إرب. ويجب على الوالي أن يكون كالراعي لا يغفل عن رعيته ولا يتكبر عليهم، فاستحيوا من الله في سرائركم، كما تستحيون من الناس في علانيتكم، واعلموا أن الكلمة من الحكمة ضالة المؤمن، فعليكم بالعلم قبل أن يرفع، ورفعه غيبة عالمكم بين أظهركم.
بيان: الحكم بالضم: الحكمة. والدعة بفتح الدال: السكون والراحة. والإرب بالكسر وبالتحريك: الحاجة. وقال في النهاية: وفي الحديث: الكلمة الحكمة ضالة المؤمن وفي رواية: ضالة كل حكيم أي لا يزال يطلبها كما يتطلب الرجل ضالته. إنتهى.
وقيل: المراد أن المؤمن يأخذ الحكمة من كل من وجدها عنده، وإن كان كافرا أو فاسقا كما أن صاحب الضالة يأخذها حيث وجدها، ويؤيده ما مر، وقيل: المراد أن من كان عنده حكمة لا يفهمها ولا يستحقها يجب أن يطلب من يأخذها بحقها كما يجب تعريف الضالة، وإذا وجد من يستحقها وجب أن لا يبخل في البذل كالضالة.
وقال في النهاية: في الحديث فأقاموا بين ظهرانيهم وبين أظهرهم قد تكررت هذه اللفظة في الحديث، والمراد بها أنهم أقاموا بينهم على سبيل الاستظهار، والاستناد إليهم، وزيدت فيه ألف ونون مفتوحة تأكيدا، ومعناه أن ظهرا منهم قدامه وظهرا وراءه فهو مكنوف من جانبيه، ومن جوانبه إذا قيل بين أظهرهم، ثم كثر حتى استعمل في الإقامة بين القوم مطلقا.
يا هشام تعلم من العلم ما جهلت، وعلم الجاهل مما علمت، وعظم العالم لعلمه، ودع منازعته، وصغر الجاهل لجهله ولا تطرده ولكن قربه وعلمه.
بيان: الطرد: الابعاد.
يا هشام إن كل نعمة عجزت عن شكرها بمنزلة سيئة تؤاخذ بها. وقال أمير