بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١ - الصفحة ١٤٦
في أعينكم، فتجتمع وتكثر فتحيط بكم. بحق أقول لكم: إن الناس في الحكمة رجلان فرجل أتقنها بقوله، وصدقها بفعله، ورجل أتقنها بقوله، وضيعها بسوء فعله، فشتان بينهما، فطوبى (1) للعلماء بالفعل، وويل (2) للعلماء بالقول. يا عبيد السوء اتخذوا مساجد ربكم سجونا لأجسادكم وجباهكم، واجعلوا قلوبكم بيوتا للتقوى، ولا تجعلوا قلوبكم مأوى للشهوات إن أجزعكم عند البلاء لأشدكم حبا للدنيا، وإن أصبركم على البلاء لأزهدكم في الدنيا. يا عبيد السوء لا تكونوا شبيها بالحداء الخاطفة ولا بالثعالب الخادعة، ولا بالذئاب الغادرة، ولا بالأسد العاتية، كما تفعل بالفراس كذلك تفعلون بالناس: فريقا تخطفون، وفريقا تخدعون، وفريقا تقدرون بهم.
بحق أقول لكم: لا يغني عن الجسد أن يكون ظاهره صحيحا، وباطنه فاسدا كذلك لا تغني أجسادكم التي قد أعجبتكم وقد فسدت قلوبكم، وما يغني عنكم أن تنقوا جلودكم وقلوبكم دنسة، لا تكونوا كالمنخل يخرج منه الدقيق الطيب، ويمسك النخالة كذلك أنتم تخرجون الحكمة من أفواهكم ويبقى الغل (3) في صدوركم. يا عبيد الدنيا إنما مثلكم مثل السراج يضيئ للناس ويحرق نفسه. يا بني إسرائيل زاحموا العلماء في مجالسهم ولو جثوا على الركب فإن الله يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل المطر.
بيان: عبيد السوء بالفتح وقد يضم السين، ومنهم من منع الضم وهو من قبيل إضافة الموصوف إلى الصفة كقولهم: حاتم الجود. ومؤونة مراقيها أي شدة الارتقاء عليها. ومرافقتها من الرفق بمعنى اللطف والنفع، ولعله كان مرافقها على صيغة الجمع والضمير راجع إلى الثمر أو النخلة. قوله: ما تفضون إليه من قولهم: أفضى إليه أي وصل. ونورها بضم النون وفتحها. والقمح بالفتح: لبر. ويهنؤكم مهموزا بفتح

(1) الطوبى: الغبطة والسعادة، الخير والخيرة، هي فعلى من الطيب قلبوا الياء واوا للضمة قبلها، يقال: طوبى لك وطوباك بالإضافة.
(2) الويل: حلول الشر، الهلاك. ويدعى به لمن وقع في هلكة يستحقها.
(3) الغل بكسر الغين: الحقد والغش.
(١٤٦)
مفاتيح البحث: الجود (1)، المنع (1)، الهلاك (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 مقدمة المؤلف 2
4 مصادر الكتاب 6
5 توثيق المصادر 26
6 رموز الكتاب 46
7 تلخيص الأسانيد 48
8 المفردات المشتركة 57
9 بعض المطالب المذكورة في مفتتح المصادر 62
10 فهرست الكتب 79
11 * (كتاب العقل والعلم والجهل) * باب 1 فضل العقل وذم الجهل، وفيه 53 حديثا. 81
12 باب 2 حقيقة العقل وكيفية وبدء خلقه، وفيه 14 حديثا. 96
13 بيان ماهية العقل. 99
14 باب 3 احتجاج الله تعالى على الناس بالعقل وأنه يحاسبهم على قدر عقولهم، وفيه خمسة أحاديث. 105
15 باب 4 علامات العقل وجنوده، وفيه 52 حديثا. 106
16 باب 5 النوادر، وفيه حديثان. 161
17 * (كتاب العلم) * باب 1 فرض العلم، ووجوب طلبه، والحث عليه، وثواب العالم والمتعلم، وفيه 112 حديثا. 162
18 باب 2 أصناف الناس في العلم وفضل حب العلماء، وفيه 20 حديثا 186
19 باب 3 سؤال العالم وتذاكره وإتيان بابه، وفيه سبعة أحاديث. 196
20 باب 4 مذاكرة العلم، ومجالسة العلماء، والحضور في مجالس العلم، وذم مخالطة الجهال، وفيه 38 حديثا. 198
21 باب 5 العمل بغير علم، وفيه 12 حديثا. 206
22 باب 6 العلوم التي أمر الناس بتحصيلها وينفعهم، وفيه تفسير الحكمة، وفيه 62 حديثا. 209
23 باب 7 آداب طلب العلم وأحكامه، وفيه 19 حديثا. 221