كما صنع حتى ترى فضلك، فإن صنعت كما صنع فله الفضل بالابتداء.
يا هشام إن مثل الدنيا مثل الحية، مسها لين، وفي جوفها السم القاتل، يحذرها الرجال ذووا العقول، ويهوي إليها الصبيان بأيديهم.
يا هشام اصبر على طاعة الله، واصبر عن معاصي الله، فإنما الدنيا ساعة فما مضى منها فليس تجد له سرورا ولا حزنا، وما لم يأت (1) منها فليس تعرفه، فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها فكأنك قد اعتبطت.
بيان: في النهاية: كل من مات بغير علة فقد اعتبط، ومات فلان عبطة أي شابا صحيحا، وفي بعض النسخ بالغين المعجمة، أي إن صبرت فعن قريب تصير مغبوطا في الآخرة يتمنى الناس منزلتك.
يا هشام مثل الدنيا مثل ماء البحر كلما شرب منه العطشان ازداد عطشا حتى يقتله.
يا هشام إياك والكبر فإنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر، الكبر رداء الله فمن نازعه رداءه أكبه الله في النار على وجهه.
بيان: قال الجزري: في الحديث قال الله تعالى: العظمة إزاري، والكبرياء ردائي ضرب الرداء والإزار مثلا في انفراده بصفة العظمة والكبرياء أي ليستا كسائر الصفات التي قد يتصف بها الخلق مجازا كالرحمة، وشبههما بالإزار والرداء لان المتصف بهما يشملانه كما يشمل الرداء الانسان، ولأنه لا يشركه في إزاره ورداءه أحد، فكذلك الله لا ينبغي أن يشركه فيهما أحد.
يا هشام ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم فإن عمل حسنا استزاد منه، وإن عمل سيئا استغفر الله منه وتاب إليه.
يا هشام تمثلت الدنيا للمسيح (عليه السلام) في صورة امرأة زرقاء، فقال لها: كم تزوجت؟ فقالت: كثيرا، قال: فكل طلقك؟ قالت: لا بل كلا قتلت! قال المسيح: فويح أزواجك الباقين كيف لا يعتبرون بالماضين؟